جزء من مسرحية “فأر يحتفل بخطاب الحقيقة”

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

رجل1 (يعاود الكتابة وقراءة ما يكتبه): أول محاولة قصصية كتبتها في حياتي كان اسمها (أرض الأمان) .. كنت في إعدادي، وكتبتها خلال الأيام الأولى من الغزو العراقي للكويت .. كانت بتحكي عن مواطن مصري ترك فلوسه وممتلكاته وهرب وقت الغزو، وده كان جزاء

له عشان ساب مصر .. فاكر كويس أوي آخر سطر في القصة: (ليعرف أنه مهما ذهب أو راح فلن يجد أأمن من مصر لأنها حقاً أرض الأمان) .. افتكر إنه لو سيادة المشير (عبد الفتاح السيسي) كان الرئيس أيامها وعرف بالقصة دي كان ممكن يوجه لي الدعوة لزيارته في مكتبه، ومش بعيد كان اداني كنوع من التكريم مصحف هدية، ومضالي عليه كمان.

رجل2: حلو، والقفلة ملعوبة .. انت مستوعب المفروض عليك كويس، ومدرك إنك لازم تختم الاعتراف بتعليق ذكي ومضحك عشان يعجب اللي يقراه ويقول عليك مجرم .. بس مش عارف حاسس بقلق ناحية الملحوظة دي .. هي جامدة، وإشارة إن (السيسي) يمضيلك على مصحف  صايعة بس ممكن تزعل بشر انت محتاجلهم .. طبعاً مش قصدي أتباع السيسي مثلاً خصوصاً إنه مستحيل حد هيتهمك بالتعاطف مع الإخوان أو حتى يحط عليك علامة استفهام .. أنا أقصد المصحف .. فاهمني؟

رجل1: فاهم .. الجملة دي ممكن تخلي حد من المسلمين اللي انا محتاجلهم يحذفني من قايمة أصدقائه.

رجل2: بالظبط، وعشان كده لازم تحذف القفلة دي وتسيب الاعتراف زي ما هو .. جرّب إقراه لوحده كده هتلاقي إنه ظريف، ومش محتاج إضافة .. كمان لما تختمه من غير تعليق هتخليه يتحوّل تلقائياً لدعابة، وهيخلق حالة صمت وفراغ خبيثة بتحرّض اللي بيقرا إنه يملاها باستنتاجه، وممكن ينشغل بـ هل الاستنتاج ده هو نفس قصدك اللي ما صرحتش بيه في النهاية ولا لأ .. طبعاً ده عز الطلب .. شفت لما تسيب الاعتراف من غير أي ملحوظة أصيع إزاي؟.

رجل1 (وهو يضغط زر المسح في اللاب توب): عندك حق .. انا هحذف الإشارة اللي في الآخر.

رجل2: كمّل.

رجل1 (يعاود الكتابة وقراءة ما يكتبه): بمناسبة الغزو العراقي للكويت أتذكر إني منمتش من العياط ليلة عرض الليلة المحمدية عام 90 وكنت كل ما استرجع (عبد الله الرويشد) وهو بيغني (ومادام ياربي خلقت لي دمعي من حقي أبكي إن شالله أبكي دم، ومادام ياربي خلقت لي صوت هاصرخ لو العالم حجر أصم .. يا الله) كان بكائي يزيد بحرقة، ولما سمعت بعدها إنه اتمسك مع (عايدة رياض) قلت إن ده أكيد بسبب نفسيته التعبانة، وإن مصر مش هتعاقبه احتراماً لظروف بلده.

رجل2 (يضحك): رائع .. عملت بحث على النت عن القضية دي؟

رجل1: بالتأكيد.

رجل2: جميل .. كمّل.

رجل1 (يعاود الكتابة وقراءة ما يكتبه): بناءاً على ما كان يتم ترديده طوال الوقت قدامي من البشرية كلها بإن الشيوعية حاجة بنت وسخة كتبت في إعدادي برضه أول محاولة لرواية قصيرة وكان اسمها (ناقدة في أحضان الشيوعية) .. كانت بتحكي عن جماعة أدبية شيوعية تقوم باختطاف ابن ناقدة تعادي الشيوعية، وكان المفروض إن الناقدة هتناقش كتاب لواحد من الجماعة دي في قصر الثقافة، وطبعاً كان متوقع إنها هتطلع ميتين أمه في الندوة، عشان كده الجماعة خطفت طفلها، وهددوها إنها لو ما قالتش كلام كويس عن الكتاب مش هتشوف ابنها تاني .. بالفعل رضخت الناقدة للتهديد عشان تسترد طفلها، وتنازلت عن مبادئها، واتكلمت كلام كويس عن الكتاب لتلقي بنفسها في أحضان الشيوعية، ومن هنا جه عنوان الرواية .. طبعاً دلوقت لا أعتبر الشيوعية حاجة بنت وسخة، وإنما بعتبرها حاجة بضينة فشخ.

رجل2: أستااااذ .. لسه ملتزم باللطافة، والتعليق اللي في الآخر كان ضروري المرة دي عشان يضيّع أو على الأقل يقلل من حدة صورتك كساذج في ذهن اللي بيقرا .. وضّحت إن فكرتك عن الشيوعية كان لازم تكون كده لإنك كنت صغير، وإن ده كان اللي بيتقال قدامك، ومكنش عندك فرصة عشان تكوّن رأي بنفسك .. كل ده ممتاز، وطبعاً كالعادة بتعرف تحط أجوان كأنك مش منتبه، يعني في نهاية الاعتراف مشتمتش الشيوعية أوي، رغم إنك بتحتقرها بس مش عايز توجه إهانة علنية لحاجة المسلمين بيكرهوها، وفي نفس الوقت عارف إن الحياة معدش فيها شيوعيين كتير، ولو فيه كام واحد من نسبتهم الضئيلة دي زعل فده مش هيضرك في حاجة مقارنة بزعل المسلمين.

رجل1: انا مبسوط أوي إني شغال صح.

رجل2: وانا كمان مبسوط أوي زيك بالظبط .. كمّل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*تصدر قريباً عن دار عرب للنشر والتوزيع

مقالات من نفس القسم