وتاريخ ‘مان بوكر’ يظهر ان الفائز الذي يحصل على مبلغ مجز ومبيعات جيدة لا يعود للاضواء كثيرا وفي احيان اخرى لا يبيع كتابه الكثير فرواية العام الماضي ‘النمر الابيض’ لم تبع إلا نصف مليون نسخة مقارنة مع اعمال شعبية وذات طابع خيالي او سري ديني مثل عمل دان براون الاخير الذي تجاوزت مبيعاته الـ 800 الف نسخة. ومهما كان الامر فجائزة بوكر وإن مثلث الادب العالي واحسن ما يختاره النقاد الا انها لا تقوم بتحديد مذاق القراءة لدى القراء وهي في النهاية معيار عن الاعمال الجيدة وحالة الادب الناطق بالانكليزية، فهي لا تمنح لكتاب بريطانيين ولكنها معهم تمنح لكتاب الكومنولث. وبالعودة للرواية الفائزة ‘قاعة الذئب’ لهيلاري مانتيل، فقد كانت الرواية المفضلة من بين الذين قامروا عليها في محلات القمار، وتعتبر الرواية الاطول في تاريخ الجائزة اذ ان قراءتها تحتاج الى جهد وتعب ولكنها ليست مملة، اذ تبلغ صفحاتها 650 صفحة. ولم تجمع لجنة التحكيم كلها على مانتيل فقد انقسموا بينها وبين رواية اخرى لم يتم الكشف عن هوية كاتبها، وفي النهاية تم اختيار مانتيل عبر اقتراع سري ادى لترجيح كفتها 3- 2 . وكانت جائزة هذا العام قد رست على اعمال روائية لكل من اي اس بيات والحائز على نوبل، الجنوب افريقي جون ماكسويل (جي ام) كويتزي وكلاهما حصلا على بوكر في السابق وفي حالة كويتزي مرتين (1983 و 1998) اضافة الى سارة ووترز وسيمون ماوير وادم فولدز. ووصفت الفائزة المناسبة بانها مثل تحطم قطار ارسلها للتحليق في الهواء. وذكرت الكاتبة الحضور بانها ستنفق قيمة الجائزة على ‘الجنس والمخدرات والروك اند رول’، كانت تمزح ولكنها اعادت للحضور ذكريات السبعينات المتحررة والتي اشارت اليها الرواية المنافسة لها لكويتزي ‘وقت الصيف’. وفي إلماح آخر الى الازمة الاقتصادية قالت ان قيمة الجائزة (50 الف جنيه) ستستخدمها لدفع ثمن بيتها ‘الرهن العقاري’. ووصف رئيس لجنة التحكيم جيمس نوتي عملية اختيار الرواية الفائزة بأنها عملية صعبة ولم يتم الاجماع فيها على اسم واحد، لكن في النهاية وافق الجميع على الاختيار ‘لم يسل دم على السجاد’ كما قال. ووصف الرواية بانها عمل جميل وخارق في سرده حيث تم الحكم عليها من خلال الحجم، وصراحة السرد وجمالية المشهدية التي اختارتها لتدور احداث الرواية فيها. وتأتي اختيارات اللجنة والمراقبين ممن يقامرون على الاسم الفائز عادة على الاسم المعروف خلافا للتوقعات وحجم الرواية لم يكن يلعب في صالح الكاتبة ويذكر هذا برواية يان مارتل التي فازت عام 2002، ‘حياة باي’، حيث باع كاتبها مليون نسخة في بريطانيا وحدها. وحتى فوزها بلغت مبيعات الرواية الفائزة 48 الف نسخة وقد اعترفت مانتيل ان العمل كبير ويحتاج لصبر من اجل اتمام قراءته. ومانتيل (57 عاما) من دربي شاير ليست جديدة على المشهد الروائي فهذه هي روايتها الحادية عشرة والاولى التي ترشح لمان بوكر ولكنها كانت عضوا في لجنة التحكيم قبل 19 عاما عندما تم منحها لبيات، منافستها هذا العام. وقضت مانتيل خمسة اعوام في انجاز الرواية الجديدة. وقالت ان خبرتها كواحدة من محكمي اللجنة في السابق جعلتها تتوقع حدوث اي شيء في اللقاء الاخير من اللجنة وان توقعات اصحاب محلات القمار والنقاد قد تلعب ضدّها لكن اصحاب المكتبات وباعة الكتب الان يتوقعون ان تحقق نجاحا في سوق الكتب. ونقل عن عدد من اصحاب المتاجر قولهم ان العمل، رغم طوله، تجاري ويتوقعون ان يتحول الى اكثر الكتب المبيعة لديهم. وتعمل مانتيل على انجاز عمل مكمل للرواية الحالية يحمل عنوان ‘المرآة والنور’ والذي تحاول فيه تقديم الاعوام والايام الاخيرة من حياة الثائر كرومويل التي تنتهي بإعدامه عام 1540. وكشفت مانتيل ان فكرة كتابة رواية تاريخية عن كرومويل جاءتها قبل 30 عاما، حيث تقول انها ظلت تحمل جذور العمل معها طوال هذه المدة وترددت في كتابة اول سطوره. وقالت ان كتابها هو من ناحية دراسة في علاقات السلطة، تم تقديمها عبر سرد روائي لحياة كرومويل، ابن الحداد الذي اصبح مصدر قوة في بلاط الملك هنري واصبح فيما بعد مهندس الاصلاح. وترى ان سيرة كرومويل هي في النهاية تعبير عن مذهب ميكافيلي من ناحية الصعود للسلطة والحصول عليها واستخدامها وخسارتها. وعلى الرغم من طولها امتدح النقاد الطريقة التي كتبت فيها بحيث جعلت من قراءة التاريخ امرا جذابا. وبالاضافة لعملها تم ترشيح رواية بيات ‘كتاب الاطفال’ وكويتزي ‘وقت الصيف’. وليست هذه هي المرة الاولى التي تحصل فيها مانتيل على جائزة ففي رصيدها جوائز عديدة وكتبت اولى رواياتها عام 1983 ‘كل يوم هو عيد الأم’.
يذكر ان جائزة العام الماضي منحت الى الهندي الصحافي ارافيند اديغا ‘النمر الابيض’ وفي عام 2007 الى آن اينرايت ‘الاجتماع’ وقبلها عام 2006 الى الهندية كيران ديساي ‘ارث الفقدان’ وفي عام 2005 الى جون بانفيل ‘البحر’. وما دام موسم الجوائز قد بدأ فمن المتوقع ان يعلن اليوم الخميس الفائز بجائزة نوبل للاداب فيما سيعلن لاحقا عن الفائز بجائزة تيرنر للفن المعاصر وينتظر ان يفتتح مهرجان لندن للفيلم موسمه لهذا العام الشهر القادم.