ثلاث قصائد

زين العابدين سرحان
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

زين العابدين سرحان

آخرُ خيوط الليل

ينبثق الصَّباح سريعًا

كالهارب من جوفِ الكهف 

وتتطايرُ جَذوات الشمس

على أقمشة النائمين

فتحترق كل الأحلام الرغيدة..

ينبثق الصَّباح، والعصافير الرشيقة

تجذبهُ بمناقيرُها، من رحِمِ العتمةِ،

لتتعرى الأشجار، أمام الشمس، التي

يندثرُ على يدها، غسق العشاق..

يدنو الصُبح، من الوجوه الراقدة

بين أغطية الوسن..

فتستفيق طيور الحب بألوانها الزاهية

وتَهِبُ نحو تلك الأميرة،

لضفر جدائلها، الشبيهةِ بخيوط الليل،

وتأخذها عند ظِلِّ نخلةٍ أو ملاذٍ

يَقِيها من لهيب الشمس

كي لا يتّقد شَّعرها

المدهون ببَلْسَم العِشْق.

  • ••••

 

دموع متساقطة

تهتز السدرة، يدفعها الهواء الرطب، يداعبُ أغصانها الخجولة، والمكتنزة بالثمار، هذا الهواء المسافر يأخذُ أوراقها بعيدًا، نحو أرضٍ قصيةٍ، لا تعرف طعم الدموع المتساقطة من أشجار الخيبة.

هل ثمَّة هواء يأخذها نحو الخلاص، غير هذا الهواء الذي يَطْوِي الأغصان، ويعود بها منهكة وبلا ثمار، كأن الشمس صارت من جليدٍ، لتبقى ثمارها غريبة ومرة، حتى المطر الخفيف يغرق الأغصان في غربةٍ أبدية، حتى الظلام العميم يلقي عليها ثياب أميرة حزينة، ويجعل تلك الأسمال ترتعد من قسوة الرياح الوحشية.

ها هي الطرقات تبتلُّ، وأنا الوحيد فيها مثل الأشجار، أقاسي وجعي وكل هذا الضياع.

والمطر الخفيف صار ثقيلاً، يشتدُّ، تصعب الرؤية، وتتشوَّش ملامح المستقبل المكنون، ليظلّ العالم يموج أمامي، كأنَّ العالم يتطوح وجعًا، ويبكي مطرًا، على زجاج نوافذ العربات المسافرة.

  • •••

الشُّرفة

يأتي المساء الأَسوَد محملاً بالوجع،

يأتي المساء ثقيلاً، ليكتِّم الأنفاس،

والشُّرفة غربانٌ، تُحَلِّقُ في ظَلامٍ شبيهٍ،

بسواد رِّيشها الفاحم،

وتنأى بعيدًا عن غابة الأحلام.

ها أنذا أحفرُ في مَنجَم الخيبات،

بمِعْوَلةٍ مكسُورةٍ،

وأُنَقِّبُ عن جوهرة الصّباح،

المفقودةِ من يَدِ العالَمِ،

تلك الجوهرةُ الغارقةُ، في لُجَّة الظَّلام المُعتِّم.

لكنِّي عالقٌ في باطن الأرض،

قرب الوحوش، التي تنهشُ جسدَ الأمنيّات،

وتنهشُ جسدَ الفتاة،

إني أحلُمُ بالنَّوْمِ، بين خُصْلات شَّعرها،

المُتَدَلّي على جبينها المُمتدِّ كالبحار. 

حتى أتوارى، في ظَلامِ جدائلها، 

وأُتركُ وحيدًا، في سوادِ شامَتِها، 

أَنبُشُ بمعوليّ المتصدع،

لأجِد مرسىً، يقربني من سواحل العيون،

أو أُبصرَ صباحًا يجمعني بها،

وينهي هذا اللَّيل المجنون.

………………..

*شاعر وصحفي، من العراق.

مقالات من نفس القسم