المفكر د. جمال الرفاعي: المقاومة الفلسطينية ليست إرهابا ولكنها امتدادٌ لانتفاضة الحجارة

جمال الرفاعي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاوره: صبري الموجي 

ما تفعله إسرائيل من إبادة جماعية لغزة، وقصفٍ للمدنيين العزل، وما يتردد علي ألسنة مسئوليها من تصريحات جامحة رعناء .. كلُّ هذا يكشف عن أطماع استعمارية بغيضة لصهيوني مُتطرف، عجزت آلتُه الحربية عن تحقيق أطماعه الاستعمارية، فانبري كمسعور، يتخبطه الشيطانُ من المسِّ، وكنارٍ مُستعرة لا تُبقي ولا تذر ..
المفكر د. جمال الرفاعي – أستاذ الدراسات العبرية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، يدعو إلي وحدة العرب، وتحركهم زرافات ووحدانا لوقف هذا الزحف الصهيوني البغيض، ويلفت إلي أن إسرائيل تستدر عطف الغرب بتذكيره بـ(عقدة الذنب)، ومحرقة الهولوكوست، التي راح ضحيتها ملايين اليهود، ويُطالب بمخاطبة الغرب بلغته، ويدحض افتراء إسرائيل بأن المقاومة إرهابية بتأكيده أنها امتدادٌ لانتفاضة الحجارة.. آراء وحقائق كثيرة في ثنايا  هذا الحوار.

العلاقة بين المسيحيين واليهود أخذت شكلا متباينا .. فمن “شتات” اليهود علي يد المسيحيين في القرون الوسطي، ومحرقة ” الهولوكوست” في الحرب العالمية الثانية إلي التآزر والوئام حاليا .. أسباب التحول في العلاقة ؟

لا شك أنَّ تحول موقف أوروبا تجاه اليهود مقارنة بالعصور الوسطى أمرٌ طبيعي؛ نظرا لأنَّ أوروبا تحررت من السلطة المسيحية، التي كانت تتشدد في العصور الوسطى تجاه اليهود، فالكراهيةُ ضد اليهود أو ما يعرف بمعاداة السامية في أوروبا، لم تظهر في عهد “أدولف هتلر” بل تعود إلى قبل ذلك،  ففي العصور الوسطى حُرم اليهود من المواطنة، وأُجبروا على العيش في أحياء معزولة، كما عاملتْ محاكمُ التفتيش بإسبانيا والبرتغال في القرنين الخامس عشر، والسادس عشر اليهودَ أسوء معاملة، خاصة اليهود المتحولين إلى الكاثوليكية؛ بسبب الاشتباه  في أنهم يمارسون ديانتهم في الخفية، فكان إذا ارتدى أيُّ شخص يوم السبت ثيابا نظيفة، أو أحسن مما كان يرتدي غير يوم السبت، أو أكلَ لحم حيوان مذبوح، أو سمى ذريته بأسماء عبرية، يُتهم بأنه يهودي، وإذا قُبض على المتهم يُرمى في السجن، ويُعذب في غاية القسوة ، كما كان يُطلب من اليهود أن يُميزوا أنفسهم عن المسيحيين بشارة صفراء، أو قبعة خاصة،  وعندما أصبحوا بارزين في الأعمال المصرفية وإقراض الأموال، تم طردهم  من عدة دول أوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا والبرتغال وإسبانيا، كما حرموا من الجنسية والحرية الدينية بجميع أنحاء أوروبا، واتهمهم المسيحيون بأفعال غريبة مثل ” تشهير الدم”، وخطف الأطفال المسيحيين وقتلهم، واستخدام دمائهم في صنع خبز “عيد الفصح” اليهودي، وكلها مواقف انعكست على السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعادية لليهود ، أما الآن فإن أوروبا تُغدق علي إسرائيل الأموال، وتدعمها بمختلف مظاهر الدعم؛ لاعتبارات سياسية واستعمارية .

وتعمل إسرائيل دوما على ابتزاز أوروبا وتذكيرها بمذابح “الهولوكوست”، وتشعر أوروبا من جهتها بعقدة الذنب تجاه ما فعله هتلر النازي باليهود، وهنا يجب أن نعرف أن النازي، اضطهد كلَّ من اختلف معه، غير أن إسرائيل تحتكر التاريخ، وتستغلُه لمصلحتها، ومن ثم فإنها تُجيد مخاطبة الأوروبيين، وحينما يُقارن بنيامين نتانياهو بين حماس والنازي، فإنه يفعل ذلك للإيحاء للأوروبيين بأنَّ حماس امتدادٌ للنازي .

تلعب إسرائيل وبمهارة  دور “الفتي المدلل” فبعد ارتمائها لسنوات  في حضن بريطانيا، تلوذ سريعا بحضن أمريكا مع سطوع نجمها .. فهل وراء ذلك أهدافٌ ودوافع ؟

فيما يتعلق بأن إسرائيل هي الطفل المدلل للغرب، فإنه يجب أن نضع في اعتبارنا عدة عناصر يأتي في مقدمتها أنَّ الثقافة الغربية في مجملها – وعلى حد قول المتخصصين – ثقافة يهودية – مسيحية أي أن الفكر اليهودي يُشكل أحد ملامحها، وبالإضافة الي هذا، فإنه توجد اعتبارات سياسية تتمثل في أن إسرائيل تعد كيانا وظيفيا، يُقدم خدمات جليلة إلي الغرب تتمثل في العمل على إجهاض مختلف مشاريع النهضة في المنطقة؛ لتظل للغرب السيادة والهيمنة !

تروج إسرائيل بأن المقاومة إرهابية .. فهل تؤيد وجهة نظرها.. وما دور إعلامنا العربي في دحض هذا الادعاء ؟

بالفعل، يتجاهل الإعلام الغربي – استنادا إلي معلوماته المستمدة من الإعلام اليهودي – أن المقاومة الفلسطينية لا تقتصر على حماس، وإنما تشمل كلا من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية، وكلاهما له توجهات يسارية لتحرير فلسطين، فالمقاومة ليست “حمساوية” فقط، وإنما هي مقاومة فلسطينية ضد عدوان إسرائيلي غاشم، وليست تطرفا أو إرهابا .

فيجب أن يتحرر إعلامُنا من سطوة الإعلام الغربي، وروايته الكاذبة  للأحداث، فالغرب وإسرائيل يتحدثان عن “داعش”، وحماس، ولكن يجب أن يؤكد إعلامُنا أن المقاومة الفلسطينية أقدم من داعش، وأنَّ المقاومة الفلسطينية الحالية امتدادٌ لانتفاضة الحجارة عام ١٩٨٨ وانتفاضة الأقصى عام  ٢٠٠٠ م .

ولابد أن يكشف الإعلام العربي أيضا أن الفلسطينيين في غزة يحرصون على رفع الأعلام الفلسطينية، فلا وجود للطائفية في المقاومة .

برأيك ما الدافع وراء أن يكيل الغرب بمكيالين فموقفه مع أحداث أوكرانيا يختلف تماما عن موقفه مع المقاومة الفلسطينية ؟

العلاقات الغربية – الإسرائيلية متشعبة ومتشابكة، إذ تشمل كلَّ المجالات العلمية والعسكرية والسياسية، وأود أن أوضح هنا أن لمعهد “التخنيون” العلمي التقني في إسرائيل العديد من الفروع في الجامعات الأوروبية والأمريكية، ويقومون جميعا بإجراء العديد من الأبحاث المشتركة في المجالات العلمية والهندسية، والإدارة الصناعية والتعليم .

وفيما يتعلق بالمجالات الإنسانية، فإننا نجد أن الباحثين الإسرائيليين المتخصصين في الشئون الإسلامية مثل “أوري روبين” قاموا بتحرير بعض المواد الخاصة بالعقيدة الإسلامية في ” دائرة المعارف الإسلامية “، والتي تكشف عن عداء حقيقي للإسلام، وعن فهم مغلوط للقرآن الكريم،  حيث رددوا آراء لا أساس لها من الصحة، وأكل عليها الدهر وشرب، وهذا يعني أن إسرائيل هي التي تتولى مهمة تقديم الإسلام إلى الغرب، ويمكننا على نحو آخر أن نقول إن إسرائيل تُعد مركز أبحاث غربي – أمريكي في المنطقة، يتولى نيابة عن الغرب دراسة كل شئون المنطقة، وفي إطار التعاون الوثيق فإنه لا غرابة في أن نجد أن أقسام الشرق الأوسط في الغرب تكتظ بالباحثين الإسرائيليين، ويحصل الكثير من هؤلاء الباحثين على منح لإجراء بحوثهم على نفقة الغرب .

وما الحل إذن؟

أظن أنه يتعين علينا مخاطبة الغرب بلغته، فلا يُعقل أن نترك الساحة على مصراعيها أمام إسرائيل لتتحدث نيابة عنا عن معتقداتنا ولغتنا وأدبنا .

وماذا عن تقييمك لمجازر اليهود بفلسطين ؟

أعترض فهذه المجازر بيد الصهاينة، ففارق كبير بين اليهودي، والصهيوني، فليس بيننا وبين اليهود كديانة عداء، لكن عداؤنا مع الصهيوني المحتل الغاشم، الذي يلجأ وبكل قسوة للتطهير العرقي لأهل غزة، وهو ما نرفضه كعرب ومسلمين، ويرفضه كذلك يهود كثيرون، وقفوا وقفات احتجاجية ترفض ما تفعله إسرائيل من إبادة جماعية، وتهجير للفلسطينيين !

وأخيرا كمتخصص في التاريخ اليهودي .. هل ثمة فارق بين الماسونية والصهيونية؟

هما مترادفان لمعني واحد، فالماسونية هي الجسر الذي عبرت عليه الصهيونية العالمية ، حيث أسسها عدة يهود للوصول للحلم الصهيوني المتمثل في إنشاء حكومة يهودية تُسيطر على العالم، فظهرت تحت اسم “القوة الخفية”، واستخدمت السرية والعهود والمواثيق – التي كانت تأخذها على العضو المنضم إليها – وسيلة ضغط عليه، بحيث يصبح آلة توجهه كما تريد، واستشري فساد الماسونية في المجتمعات الغربية، وجذبت إليها الكثير من الأعضاء تحت شعار: (الحرية، الإخاء، المساواة)، الذي كان له دورٌ فعال في اصطياد الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة من المسلمين، الذين ساروا في ركاب الماسونية، إما بسبب جهلهم، وإما بسبب شهواتهم الآثمة.

مقالات من نفس القسم