المتخيّل الذاتي

علاء حمد
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

علاء حمد*

يتّجه المتخيل الذاتي إلى الأبنية الصغيرة في النصّ، حيث يكون المنقب الأوّل في تزويد تلك الأبنية بالمواد التأسيسية لعدول الرغبة في كتابة النصّ الشعري كبناء فوقي نلاحظه من المنظور الخارجي.

ونستطيع أن نذكر بعض العلاقات التي يوجدها المتخيّل الذاتي، وهو يبحث عن استقرار خيالي في نهاية المطاف وذلك من خلال التحوّلات النصّية من جهة، والتحوّلات الذاتية من جهة أخرى.

يزيل المتخيّل الذاتي المتعلّقات المباشرة بالذات، ولكنّه لا يتخلى عن المحسوس الجزئي أو أثره المتروك بالذات العاملة، ويميل إلى جهات أخرى كأن يميل إلى اللاوعي الذاتي والتلقائية الذاتية حيث أنهما من التشكيلات التي توجد الذات المدركة للشاعر، ومن الممكن بناء أبنية جديدة للنصّ، وتعتبر هذه الأبنية ابتكارات الشاعر وحالات الإبداع التي توجدها الذات؛ فهي تكتشف العلاقات الذاتية الذاتية، والعلاقات القياسية التي تقودنا إلى القضايا المتجاورة ومنها المعاني، والانزياحات اللغوية والدخـــــول في نفــائس اللامعقــــول، أي سنكون بمســــاحة من الخيال العالي

ونحن فيما وراء الواقع، حيث أن إبصار الصور المدهشة تبدأ من هنا، ومن المساحة العلائقية التي تدلّ على إعادة البناء الدلالي للجملة الشعرية.

وفي كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا (1): (الشيء قد يكون محسوساً عندما يشاهد، ثم يكون متخيّلاً عند غيبته بتمثل صورته في الباطن… وأما الخيال الباطن فخياله المحسوس مع عوارض “الأين والمتى” والوضع والكيف، لا قدرة على تجريده المطلق عنها، ولكنّه يجرّده عن العلاقة التي تعلّق بها الحسّ، فهو يتمثل صورته مع غيبوبة حاملها. ” 2 “).

من الواضح أنّه عندما تكون الذات في منطقة اللاوعي فإنها تفقد السيطرة على كلّ شيء يؤدي إلى الوعي، ولكن في الوقت نفسه عندما يكون الشاعر بهذه المنطقة فإنه ينطلق من ذاته في تقويم النصّ الشعري، وتتحدّى دواخله العالم الخارجي، ولكن هناك نقاط فراغية تتركها الذات وهي في غمرة اللاوعي الكتابي، فتوجد من خلالها منطقة للوعي الذاتي للتحديق من خلالها نحو الخارج الذاتي من جهة ونحو عدم فقدان رغبة الوعي الكتابية؛ وإلا ينجرّ الكاتب – الشاعر إلى مناطق ما بعد الجنون ولن يسيطر على ما تنتجه الذات، أو سيكون فاقدا للثقة الكتابية وهو في حالات قد تكون يرثى عليها. ومن خلال هذه المنطقة نلاحظ أنّ المحسوس الجزئي الذي يرافق المتخيل الذاتي ذو حركة جزئية مستغلا غياب اللاوعي الذاتي والتحوّل إلى الوعي، فكأنّنا أمام منشّط جديد للنصّ الشعري وبمهمّة للتوّ بدأت؛ فيشكّل ثنائية بالضرورة بين الغياب والحضور، يغيب عنصر ويحضر عنصر آخر، ولو تطرّقنا إلى مقدمة الذات فسوف نلاحظ أن العناصر الثلاثة ( التخييلي والخيالي والمحسوس ) في تجانس فعلي، وكل عنصر له حركته من خلال الذات العاملة.

………………

[1]– الخيال مفهوماته ووظائفه  – ص 13 – د. عاطف جودت نصر

2– ابن سينا : الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسي – ص 343 – 345

*كاتب عراقي مقيم في الدنمارك

مقالات من نفس القسم