سنضحكُ بصوتٍ عالٍ ، بانطلاق ، ناسينَ الجيران والآباء كلهم … نملأ الحجرةَ بالنِكات الفاحشة ، التي ستكون مبتكرة حقاً …. وإن أصابنا الملل نُغَيِّر قعدتنا ونتسلل للسطوح ، ولو كان الاقتراح مني أنا ، سيكون مطلباً خبيثاً في الحقيقة ، حيث أحلمُ … في لحظة يَمَسُّ الهواء المنعش وجنتيه ويَحِنُّ للطيران ..أن يأخذني على جناحه ونُحَلِّق .. نرمي الضحكات على العالم أو نحرق المبتسمين ، غِلاظ الرقبةِ .. إن أردنا التمشيةَ ، هل سيفكر في المقابر ، أم أنهُ كَرِهَ الدم الذي ألعقهُ في خيالي منذ الأزل وأراد تجربة أن يكون عادياً … حقيقياً … كالآلهة والناس !! لكن إن صار كما يريد أو يتمنى ، ماذا سيفيدني أنا ، أنا الذي أقبع في انتظاره ولا أعرفني في المرآةِ إلا لأنه سيراني …
يا أخي أنت عظيمٌ فعلاً ، كانت بنفوسهم خريطة سوداء رائقة ، اعتادوا أن يخفوا فيها أحقادهم وكذباتهم وسكاكينهم الطائرة في الشوارع طول الزمن … ثم نفخوا فيها وصَوَّروها كائناً يشبههم وقت تجليهم ، في ساعة الإثم الزاهية … وكل عامٍ يضيفون لعجينته من عندهم … فهذا أعطاه كبده والآخر نفحه القلبَ وهكذا .. ثم اتفقوا أن يُسَمُّونه الشيطان … الرائع في الأمر ،
أنك طرت من خيالهم وخَلْقَتَ نفسك ، بالضبط كما يتمنون وصرت تَخُشُّهُمْ وتحكي لهم وتُسِرُّ في غرفهم الغائرة وتعودُ لنفسك وتُربِّت عليها … كنت تتحمل برجولةٍ كيف أنهم يرمون على ظهرك كل شيء … ليناموا أبرياء في أحضان نساءهم … نمتَ في أدمغتهم واستعمرتها وأتقنت التجول الحرَّ… أنت كريمٌ وابن أصلٍ إلهيٍ ، حقاً يا أخي … لماذا أحببتَ الشِعر وقعدتَ كل مساءٍ في التماثيل وترمي نبضاً في سُرَّة البنت المضيئة فأجوعَ أنا ؟ … لماذا ألهمتَ البحر فقال لستُ للمراكب وإنما كنتُ لملوحة ما بين ساقيها الحارقة ؟… لِمَ لَمْ تغيبُ عندما مات أبي وكنتَ كاملاً وأنت تغمغمُ وسط دموعك أنا حبيب اليتامى ووالد الوحيدين في البَريَّةِ … الذين أتعبوا نظرهم في الكلام مع السماء والبقاء شهوراً في الكهوف عَلَّ الرحمة تهبط …
وعندما عدوتُ خائفاً من أمي لأنها التقطت حروف الله فكبرت جثتها وانتفخت ضحكاتها ، فَتَحْتَ حضنكَ فغفوتُ وأنا ألهثُ لكني آمنٌ … قرناك اللذان ياما أَخَفْتَ بهما الخجولينَ والصغار والطيبين لحد الغفلة …. ألم يكونا منقذيَّ لما وقعتُ في البركان وقال ذيلُكَ برداً وسلاماً عليك يا ولدي ؟ .. إن أجلستُكَ على ساقيَّ بجسمك اللدن الذي أتقنَ التشكُّلَ وتحركت شهوتي ودخلتُكَ وصرتَ لوطياً … لا أظن أن حياتك ستختلف ، فقط ستزيد في عدد الشياطين الذكور ويشيلونَ أوقاتاً سِريَّة يرتاحون فيها من أعمال السخرة عند البشر المملين … لكنَّ الكارثة ، أن تستجيب لطبيعتك الماكرة وتقول الدور عليك .. ستكون شهوتك بالتأكيد حريقاً يشوي جَوْفي وأتفتتُ قطعاً … وحيث أني لا أجيد المناورة ، أو أخاف تجربتها بالأحرى ، سأتحول من موظفٍ يسير في طرقات المدينة باعتدادٍ إلى الكائن اللطيف الذي يختار الحُفَرَ ليتثنَّى .. ويلتقط الأشباه الملوثين باكتشاف الأعماق … وقد أعود للوراء فأرجع خَصَّياً في بلاط الخليفة وأنقل لك الأخبار وللمؤرخين حواديت الخدور التي تلهم الموسيقى ، حبيبتك الربانية …
لكن ، لماذا صحوتُ اليوم سعيداً وجعلتُ أُرنِّمُ ” وَصَلت شموسُهُ وملأت بيارقهُ العيون ، والطبولُ من داخلها سعيدة ” ؟ لأني ، أخيراً ، وجدت الصيغة التي كان الجَدُّ يُخَبيِّها تحت آخر ذكرى مَرَّ عندها ، ” أبرا كادا برا ” ، الجَمَال الذي استعملته الطائفة الغنوصية المُلْهَمة في مصر القديمة ، جربت العديد والعديد من الصيغ ، إلى أن ارتعشَ البيت لمَّا رمى القَدَرُ بهذه النجمة في طريقي : تكتب أحرف الكلمة وتحذف حرفاً من كل جهة إلى أن تصل إلى حرف واحد فنحصل على مثلثٍ مقلوب متساوي الأضلاع وننقشه على قطعة من الرِق تلتقط الطاقة من أعلى ، كأنها قمع … ستُشفى من الحُمَّى وتقابل السيد في الآن ذاته … سيصل متبختراً أو زهقاناً ، لا أدري ولا يهم .. وأطلب منه أن تحبَني البنتُ قبل طيرانها فأمتزج بخلاياها التي ستمنح روحي
القوة في مواجهة النور السخيفِ العجوزِ … لأقلبه ظلاماً لا يرقص فيه إلا القطط والضِباع وأتمشى وفي ظهري أحلى حدبة في الحواديت ، ليرتاح عليها السيد … أُجَهِّزُ الأرض لصباحٍ يحب تبادل الأدوار فيملأ بطنه بالنجوم … أقصدُ بسوءات الجارات اللاتي رفضنني لأني قبيحٌ ولا أُذكِّرهُم إلا بالبوم …. سأجيء لكم أيها الأنذالُ الذين طفحت فحولتكم لما مَرَّت السيارةُ على ساقي فضحكتم واشرأب جسدكم وقلتم عََلَّها تضبط جسده المعوج وروحه الطريَّة …..
سأقتلَهُ … سأضربَكَ بقسوة .. لا .. بل سأموت من الرعب ……
عندما ستأتي ، من أدراني أنك ستتقمص دور النجدة لأولئكَ المشوهين القذرين ؟ … لماذا لا تكون نخبوياً تحب الجميلات والأقوياء لتمتلئ عيونك بالحسن والبهاء وكذلك تنقذ سمعتك المدنسة عند الخونة ، اللامعين …
أنا جبانٌ وحقيرٌ …. ولا أليق .. حقيقةً لا أليق …
هل ألعب معك فأرنَّ الأجراس لينحاش صوتك أم هل أبني جسراً وتكون نفس المار الأول منذورةٌ لك ؟ …. ملابسي سألبسها مقلوبةً كيلا تدخل لعظمي …. وإذا جاء مساء السبت الذي يحضرُ السحرة فيه ليتشرفوا برئاستك ويتنكروا في صورة ذئاب …
سَأُبلِغُ الصيادين فيصادروا الحوافر والأنياب … سأقلب أيامك حيرةً على المحب الشقيِّ …. سأظل تائهاً في حبكَ …. إلى أن تحلم بي كما ضيعتُ عمري سابقاً …. أما الساحرات اللاتي سيمسكنني من شَعْري الساقط ويُحَوِّلْنََهُ أغلالاً .. أشد الأمهات المسجونات داخلهن وأبكي من اليوم إلى العام القادم عَلَّ قلوبهن تحِنُّ …
لن أنظر للوحوش منزوعي الأظافر وسأنسى ذكر الضفادع التي ستتقمص روحك يا حبيبي وتقفُ على كتف الساحرة الكبيرة قرب بوابة الحقل …. ستنقلب العلاقة بيننا …. لا مفر ….
لأنك الأروع وستقول بعد عامٍ من الآن ….
بعد انفلات العاصفة عبر الجداول … أوحشتني ..
أنا الشيطان العظيم الذي ما عاد يتحمل وحدته ..
أريدك دون عكازٍ يا ولد … سأطير حتى الرمق الأخير ..
لكنني فشلت في تجاهل افتقادي لصحبة المطرودين من المحبة …. فانتظرني ..
ونحنُ بعدما نغمض عيوننا ونزرع زهرة الأمان التي يحكون عنها ….
سنعود لرحلة الضغينة ..
فنشيل من الأعداء قبل قتلهم ،
قلوبهم ..
تلكَ التي تضيء الصحاري
وتدلُّ الهاربين ….
…………..