الفنان والأحلام

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

يقضي يومه مع لوحاته وألوانه في بيت صغير فكيف لا يكون سعيداً، وكيف لا ينام سعيداً فيحلم أحلاماً ملونة، وكيف لا نظل نتذكر فنان الأحلام أو لا نعرف رسومه؟

إنه "عدلى زرق الله" مؤلف ورسام قصص الأطفال، من تفتحت عيونى على رسوماته فأحببت القطط من قراءة "القطة نمنمة"، فإذا أردت أن تحب الحيوانات جميعها عليك بقراءة قصصه، فكم كانت مميزة تقف أمام خلفية من درجات لونية، فلا زلت اتذكر غرفتى تمتلئ بصور تلك الحيوانات فصرنا أصدقاء. وقتها إن سئلت ماذا اريد أن أصبح عندما اكبر؟  كانت الأجابة واضحة تماما لى بالنسبة لي: إما أن اكون رسامة أو دكتورة بيطرية .. الآن أفكر وابتسم له ..لقد استطاع تشكيل مخيلتى و محبتى للفن وحتى الحيوانات .

اليوم وأنا أمام كتاب “الفنان والأحلام” لازلت تلك الفتاة الصغيرة التى كانت وستظل تفتن برسومه وبتلك الأفكار التى تضيء لى الطريق. وأفكر كيف استطعت بكل هذة البساطة أن تقدم المدرسة السريالية في الفن للأطفال . فهذا الفنان السعيد يحلم أحلاماً ملونة، فيرسم ما رآه في الحلم في سبعة أيام، تأتيه الأحلام فتارة يرى سمكة تطير في السماء وتارة أخرى يرى فيها فيلا بنفسجىاً له وجه ساعة وقط أخضر فمه وردة وذيله فرع شجر أما عيناه فسمكتان . ويرى في أحد أحلامه شجرة بها كل ثمار الفاكهة تجاور بعضها البعض.

ويرى المراكب تسبح في فضاء اللون الأصفر فتجوب الصحراء الممتدة . أما عن حلم الليلة الخامسة فيرى فيه اشجارا في حفلة ترقص، تستطيع أن تستمع إلى الموسيقي المصاحبه فتظل تتأمل وجوه الأشجار المختلفة وتنقلك حركاتها من واحدة للاخرى فتتمايل معها وتمرح على ذلك الإيقاع الخفي. وفي حلم اخر يرى الفنان نفسه يطير محلقا في السماء مقتربا من القمر المنير والنجوم المتلألئة، وفي حلمه السابع والأخير يرى طائراً يشقشق بكلام عن الفن فيقدم لنا صورة عن الناقد الفنى من كتب عن الأعمال الفنية وما يرسم قائلا إنه سوف يكتبه أعماله الأخيرة مسميا اياها بالمدرسة السريالية. فكانت الأحلام السابقة لتقدم لنا ذلك الأسلوب من الفن والذي “يعتمد على الأحلام التى يراها الفنان أو يريد أن يراها”.

ظلت محاولة تقديم الفن التشكيلي للأطفال المختلف، تصاحب الفنان عدلى زرق الله لوقت طويل فله أيضا كتاب آخر بعنوان “لعبة الألوان” ليقدم فيه الفن التجريدى . فقد كان دائما ما يدمج بين الفن والتعلم في اطار من المرح والبهجة . فهو يقدم للمدرسة السريالية والتى يقف الكثيرين أمام جميع اشكال الفن للتعليق عليها بأنها سريالية “غير مفهومة لديهم”، ولكن تذوق الفن ومحبته نستطيع أن ندرب عيوننا عليها منذ الطفولة لنكبر في ظل محبة الفن حتى وإن لم نصبح ممارسين للفن باشكاله المختلفة إلا أننا سوف نسهم في خلق جيل متذوق للفن “مفتون به”.

فكيف لا نفتن بتلك اللوحات “الأحلام” بدرجاتها اللونية التي تأخذنا لعالم من الجمال لتقابل فيه الحيوانات والأشجار وسط تأثيرات موسيقية سوف تسمعها بعينيك في شفافية الألوان و كثافتها، فنرى الحياة تنبض على صفحات، وقد كساها بألوانه المائية فنحلق مع السمكة في السماء ونصاحب الفنان الذي يأخذنا معه لتقترب من القمر المنير لصادق تلك الحيوانات والأشجار التي ينعكس عليها طابع بشري. في تلك الصفحات سوف نفتن بالطبيعة، سوف نسمعها تهمس لنا ببهجة الحياة .

واذ تختتم صفحات الكتاب بـ ” تذكروا فناننا الحالم “، أقول لروحه: وكيف لا !

 

ريفيو:

كتاب ” الفنان والأحلام ” صادر عن دار أصالة-  لبنان 2003

ضمن لائحة الشرف 2006 – الهيئة العالمية لكتب الأولاد .  

مقالات من نفس القسم