سكة الشيباني :
ظهر الشيبانى عند الميدان عائداً من السوق إلى بيته ثم دخل إلي الشارع، نفس الطريق الذى اعتاده منذ أربعين عاماً، كان يحمل كيساً صغيراً به قطعة لحم، عدة حبات من البطاطس، وحزمة من عيدان النعناع الأخضر، كان يلقى التحية لمن يعرفهم في الطريق، يصافح البعض باليد، ويهمهم بالسلام عليكم لهذا، ولا بأس لتلك ،ثم يتوقف مع شيبانى آخر، فيأخذهما الحديث الطويل عن البلاد والأهل والأحباب هناك، وعن الصحة التي أكلتها عقود الشقاء الطويلة، ودوامة العمل اليومي المضني في مصانع فرنسا، فيؤكدان علي أنه المكتوب الذي لم يكن منه مفر، وإن حسن الختام في العودة هناك علي قدميه، ليشم هواء البلاد قبل أن يغمض عينيه، وليدفن بجوار أبيه وأمه، فتدمع عيناه قليلاً٠٠ثم يستأنف المسير
المكتوب :
عند هذه النقطة بالتحديد، كان الشيباني يفكر كل مرة في عبور الطريق للناحية الأخرى لشراء قرص الخبز
وكان عرض الشارع خاليا من أي عربة رغم الإشارة الحمراء وما أن وضع قدميه علي الأسفلت وعبر بخطوة ثم الثانية حتي كانت الصدمة مفاجئة وقوية، فالعربة السيتروين الكبيرة الفائقة السرعة، خرجت من حيث لا يعلم، وألقت بجسده والكيس المملوء بما اشتراه من السوق، على الأسفلت فى عرض الطريق.
مشهد نهائي :
بعد تجمع الناس من حوله وهم يصرخون، ووصول عربات الإسعاف والبوليس، لم يكن هناك ما يمكن عمله، فحملوه معهم، وغادر الجميع المكان ولم يستغرق الأمر كله وقتا طويلا حتي عاد الشارع بعدها إلى ما كان عليه، اللهم إلا بعض الرمال التى غطت بقع الدماء.
وبعيداً قليلاً، كانت هناك حزمة نعناع فقدت لونها تحت دهس الأقدام ومرور العربات عليها