قمقم

قمقم
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 حسين التلاوى

1

كان "أكرم" شابًا محترمًا... قبل أن تقولوا إن هذه مجاملة له مني، أحب أن أخبركم أن أفعال المرء تدل على طبيعته وأصله. ومن بين الأفعال التي تعبر عن الاحترام وقام بها "أكرم" مؤخرًا شراؤه فوانيس لأبناء وبنات شقيقه وشقيقته لمناسبة حلول شهر رمضان الكريم. وما لم نقله هو أن لـ"أكرم" شقيقة وشقيق، وكلاهما أكبر منه سنًا... وحجمًا في الواقع. وليس في هذا أي إفشاء لأسرار عائلية، فكل عائلة بها البدين والنحيف، والطويل والقصير، وكل الأصناف.

 

المهم… بعد أن اشترى “أكرم” الفوانيس، وضعها أمامه وراح يتأملها ليختار أجملها لإهدائها لابنة شقيقته، واسمها “سلوى”. كان “أكرم” يحب “سلوى” بشدة ويعاملها كابنته تقريبًا، ولعل ذلك يرجع إلى أنها أولى الأحفاد في أسرتهم التي راح فيها الوالد والوالدة منذ فترة تاركًا الأشقاء الثلاثة معًا.

كان “أكرم” يعيش بمفرده، لذا لم تكن هناك مشكلة من أن يمكث ساعتين تقريبًا بلا حراك أمام الفوانيس محاولًا تحديد أجملها. وكذلك، لم تكن هناك مشكلة في أن يحضر طبقا مليئًا بالجاز لكي يغسل الفوانيس، وطبقًا آخر يمتلئ بالماء لكي ينظف الفوانيس من الجاز، وطبقًا ثالثًا به ماء معطر لتعطير الفوانيس. ألم نقل لكم إنه محترم؟؟!!

لكن هذه لم تكن وجهة نظر جاره السيد “رأفت”. كان “رأفت” يعمل ناظر مدرسة في إحدى المدارس الحكومية الثانوية. وطبيعي في هذا النوع من المدارس أن المدرسين لا يملكون سيطرة تُذْكر على الطلبة، وبالتالي، لا يملك الناظر سيطرة تُذكر على المدرسين. إذن، كان من الطبيعي أن يحاول السيد “رأفت” أن يفرض سيطرته المفقودة مهنيًا على منزله… وجيرانه كذلك…!!

كان “أكرم” يعتبر نفسه يعيش حياة سعيدة؛ فهو يعمل ويعيش في منطقة جيدة وشقة مريحة، ورغم أنه لم يكن متزوجًا، كان يشعر بأن هذه ميزة لا عيب، لأنه لم يكن يشعر بأنه مؤهل للارتباط والزواج. وبالتالي، فيما عدا بعض المشكلات القليلة — لاحظ أننا نقول “المشكلات القليلة” — في العمل والجيرة وبعد المسافة بين منزله وعمله، كان “أكرم” يشعر أنه يحيا حياة رائعة… لا بل أكثر من رائعة.

إنه بالفعل إنسان في غاية الاحترام.

وعند دقات الثانية عشرة والتي أعلنت منتصف ليل القاهرة — إذن، هو يعيش في القاهرة — وأن الفجر لم يتبق عليه سوى أربع ساعات، كان “أكرم” قد اختار فانوسًا لإهدائه لابنة شقيقته “سلوى”. وبعد الاختيار وتهنئة نفسه عليه، أحضر طبق الجاز وبدأ يغمس قطعة قماشية في الجاز ليغسل الفانوس ويجعله يبدو براقًا لامعًا. بدأ “أكرم” في غسل الفانوس بالجاز عند الدقة الخامسة. ولكن بعد الدقة الأخيرة؛ أي بعد خمس دقات، تصاعد من الفانوس دخان كثيف… كثيف للغاية لدرجة أن “أكرم” المشهور بثبات أعصابه — وهذا جزء من أنه محترم — تراجع للخلف بشدة فكاد أن يسقط في طبق الماء المعطر الذي أبقاه بعيدًا لكي لا يتلوث من رائحة الجاز.

راح الدخان يتصاعد ويتصاعد ويتصاعد… وذهن “أكرم” تملؤه فكرة واحدة وهي ما سيقوله السيد “رأفت” إن اشتم رائحة الدخان.

إنسان محترم للغاية فعلًا.

وفجأة، بدأ الدخان في التكثف ليأخذ شكل إنسان… نعم… إنسان، أو على وجه الدقة ما يشبه الإنسان… إنه كيان له نفس ملامح جسد الإنسان عدا القدمين؛ حيث تنتهي ركبتاه في أعلى الفانوس.

راح “أكرم” يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتساءل السؤال الشهير: “بسم الله الرحمن الرحيم، إنت إنس وللا جن؟!!”.

ضحك الكيان الدخاني في سخرية وقال له: “كل الدخان ده وبتسأل إنس وللا جن؟!! طبعا جني…!” ثم تلفت الجني حوله في ضيق وقال: “كان فيه هنا ريحة وحشة جدا… كأنها ريحة جاز” ثم برقت عيناه — أو ما يمكن القول إنهما عيناه — عندما لمح طبق الجاز، وقال في غضب: “ده جاز فعلا….! الله يسامحك جاز في الفانوس؟!”.

هنا رد عليه “أكرم” قائلا في هلع وبصوت شديد الارتعاش: “صدقني… صدقني… كل ده عشان خاطر ولاد أخويا وأختي”.

قال له الجني في سخط: “ولاد اختك واخوك تديهم السم والجاز ده…!”.

قال “أكرم” في نفس الهلع: “والله العظيم أبدا… طيب بص…”، ثم أشار إلى طبق ماء الورد وقال له: “ده طبق مية ورد عشان أغسل الفوانيس بيها بعد ما أنظفها”.

ابتسم الجني في سعادة وارتياح وقال: “يا سلاااااااام… مية ورد؟! طيب رشها يا سيدي في الجو كده خلينا نتنعنش”.

ودون أدنى تفكير، أمسك “أكرم” بالطبق وراح ينثر بيده ماء الورد في الغرفة وهو يحاذر أن يأتي أي شيء منها على الجني، فلاحظ الجني ذلك وقال له: “يا راجل رش ولا يهمك!”، ثم تشمم الجو قائلا: “الله الله… إيه الطيب الجميل ده”، ثم استطر في لهجة جادة وقال: “خللينا بقى نتكلم في الشغل!”.

“شغل؟؟؟!”. هكذا تساءل “أكرم” في نفسه، ولكنه لم يجد في نفسه الشجاعة للتصريح بهذا التساؤل للجني، الذي قال له في مرح: “أيوه يا راجل شغل؟! مالك كده؟؟!! مش المفروض فيه سبع طلبات وحاجات زي كده؟!!”.

عقد “أكرم” حاجبيه مفكرًا، ثم مط شفتيه وقال: “اللي تشوفه…!”، ثم سحب نفسًا عميقًا وقال: “يعني المفروض إني اطلب منك سبع طلبات عشان تطلع من الفانوس”. أجابه الجني قائلا في نفاد صبر: “أيوه!”، فرد عليه “أكرم” قائلًا: “طيب طيب، من غير عصبية. إديني بس عشر دقائق أفكر. إنت عارف الموضوع مش سهل”. فعقد الجني ذراعيه حول صدره، وأشاح بوجهه بعيدًا في دلالة على الموافقة، ولكن على مضض.

هنا عقد “أكرم” حاجبيه وراح يفكر، ثم قبل أن تمر حتى خمس دقائق قال للجني: “قبل الطلبات وأي حاجة، إنت عايز تخرج ليه؟!”

قال الجني في سخط: “أخرج ليه؟ إنت عارف يعني إيه الحبسة السودا في القمقم؟”، وصمت قليلًا قبل أن يقول في لهجة حالمة: “لكن الحرية… يا سلام على الحرية… الجلوس وسط الخرابات… القطط السودا… الصحرا بالليل… الحاجات اللي تريح النفوس دي…”، فقاطعه “أكرم” قائلًا: “خرابات إيه وقطط سودا إيه؟؟!! إنت اتجننت؟؟!! أنا افتكرتك حاتقول: سينمات بقى وعرييات والشاليه اللي في مارينا”.

جذبت هذه الكلمات انتباه الجني، فقال متسائلًا: “إيه؟؟ إيه؟؟ إيه الحاجات دي؟! أنا أول مرة اسمع عنها”، فضحك “أكرم” في سخرية قائلًا: “بس عامل لي فيها جني وعفريت وسبع طلبات”، ثم تابع في لهجة إغراء: “مارينا… المية والهوا البارد اللطيف… الرمل السخن والمية المنعشة… العربيات البي إن دبليو اللي تقدر تمسك فيها جردل مليان مية وما يتهزش في إيدك والسواق طالع على سرعة 150 كيلو… وللا التورتات والجاتوهات… الحاجات اللي تفتح النفس دي…!!”.

ساد الصمت بينهما بعد هذه الكلمات، وبدا على وجه الجني إمارات التفكير قبل أن يقول: “إيه الحاجات دي..؟! التَرَوِتَّات دي؟!”.

قهقه “أكرم” قائلًا: “تَرَوِتَّات؟! اسمها تورتات…! دي حاجات بتتاكل بس يا سلام عليها مع الشاي… منتهى الجمال”، فسأله الجني: “طيب ودي تيجي إزاي؟!”.

قال له “أكرم” في لهجة لا مبالية: “بسيطة خالص… تشتغل وتجيب فلوس وتشتري بيها الحاجات دي..”

“طيب وإزاي أشتغل وأجيب الفلوس”.

صاح “أكرم” في لهجة دعائية: “لأول مرة في عالمي الإنس والجن… عرض خاص لا يمكنك رفضه… بدل مكانك مع إنسي….! خد مكان الإنسي لمدة سنة مجانا وبعدين ادفع ربع مرتبك…. إمكانية للتمديد مدى الحياة”!

 

 2 

كاد الجني يقفز من فوق الفانوس بعد هذا العرض، لولا أنه كان مربوطًا به وقال في لهفة: “أنا جاهز للبدل”، ثم عاد يسأل في حذر: “بس التمن حايكون إيه؟!”، أجابه “أكرم” في سرعة: “أدخل القمقم مكانك…”!

سأله الجني في دهشة: “بس كده… تسيب كل الحاجات دي وتدخل القمقم…؟!”، ثم عقد حاجبيه وقال في تحذير: “وللا الموضوع فيه إنّ”. صاح “أكرم” قائلا: “لأ لأ لأ… إن إيه… الحكاية وما فيها إني زهقت وعايز أغير جو”.

فقال الجني في تساؤل: “زهقت… تغير جو”، ثم صاح في استنكار: “اسمح لي.. إنت حمار”….!! ارتفع حاجبا “أكرم” من هذه الإهانة غير المتوقعة وقال في تحذير: “والله لو قليت أدبك تاني لألغي الاتفاق اللي لسه ما بدأش أصلا!”.

هنا قال الجني في سرعة: “آسف آسف بس ما تبقاش حمقي كده.. خلليك حلو كده”.

“وإنت خلليك مؤدب”.

أجابه الجني: “حاضر”، ثم سأله بعد فترة من الصمت: “إمتى نبدأ؟!!”.

قال “أكرم”: “من دلوقت لو عايز!”.

فقال الجني: “طيب سيبني ساعة أعمل ترتيبات… يعني أقلد شكلك وأستأذن إني أطلع من الفانوس قبل تنفيذ السبع طلبات لأن ده بناء على طلبك… وطبعا مش حاعرف أعمل حاجة من غير ما تكون إنت بتعملها عشان أنا خارج بتصريح منك”.

فقال “أكرم”: “مفهوم مفهوم… اتفضل اطلع بقى وللا انزل بسرعة وللا شوف ظروفك إيه”.

فاختفى الجني من فوره…

طيلة الساعة التالية، جلس “أكرم” في مكانه غير مصدق لما جرى… أخيرًا… أخيرًا سوف يختفي دون أن يموت… أخيرًا سيرتاح ولديه الفرصة ليعود عندما يشعر بالملل….!!

ومرت الساعة بسرعة وقد أكلتها خواطر “أكرم”، الذي فوجئ بالجني يظهر أمامه، وقد اكتسى بزي مماثل لزي “أكرم”، وقال له في سعادة: “أنا جاهز!”.

لم يصدق “أكرم” نفسه عندما رأى الجني، فقال له في ذهول: “يخرب بيتك…؟! جني بصحيح”.

فقال الجني: “طبعا بيتك دلوقت بقى بيتي…! اشتم براحتك”، ثم فرك كفيه معًا وقال: “دلوقت بقى أحولك إلى جني قمقم”، هنا صاح “أكرم”: “لأااااه… عايز أعيش في القمقم إنسي” ….!!

مط الجني شفتيه قبل أن يقول: “اللي إنت عايزه… أنا بس كنت عايز أسهلها عليك”، فرد عليه “أكرم” في حدة قائلًا: “مالكش دعوة… مين السيد هنا؟!”، فأجاب الجني: “إنت طبعًا، بس بلاش النغمة دي بقى عشان أنا مش باحب الحاجات دي”.

استعاد “أكرم” هدوءه وقال: “آسف، بس أنا عايز أفضل إنسان… مش معنى إني زهقت إني عايز أغير جلدي”.

عاد الجني يقول: “بس لازم أرمي عليك تعويذة تخلليك تدخل القمقم تاني”، فقال “أكرم” محذرًا: “بس من غير ألاعيب”؛ فقال الجني في ذهول: “ألاعيب؟؟! ده أنا كنت أروح فيها…!!”.

لم يسأله “أكرم” عن السبب في ذلك، ولكنه قال: “رجاء أخير… إدي البنت “سلوى” بنت أختي الفانوس ده وقل لها تحافظ عليه عشان أعرف أرجع، وخد بالك منها”، فقال الجني في سرور لشعوره باقتراب الصفقة: “من العين دي قبل العين دي… بس ما تقلقش…!! أنا ممكن أجيبك ولو الفانوس راح ألف ألف حتة… الفانوس ده رمز معنوي للقمقم… بكرة تعرف”.

فقال “أكرم”: طلب كمان”، فعقد الجني حاجبيه في ضيق وقال: “هو مين اللي بيطلب من مين؟!”. لم يلتفت “أكرم” لاعتراضه، وقال: “مفيش مقاطعة لمدة أسبوع… يعني مش كل شوية تيجي تخبط عليا وتسألني على حاجة… البيت كله تحت امرك”.

فقال الجني في استبعاد: “لأ أخبط إيه؟؟!! هو أنا اهبل أسيب مارينا والتورتات والعربيات وآجي أخبط عليك”، ثم قال لـ”أكرم” في لهجة هادئة: “استعد.. صفي ذهنك وابعد بتفكيرك عن أي شيء”.

فوقف “أكرم” في مكانه هادئًا، فقال الجني: “تك تك بوم بوم… ادخل يا “أكرم” جوه القمقم…!”.

فالتمعت الحجرة ببريق شديد، ثم اختفى “أكرم”… داخل القمقم…!

 

 3

خمسة أيام…

مرت خمسة أيام و”أكرم” بعيد عن العالم في القمقم…

يعيش بمفرده في عالم حالك الظلام…

لا يشاهد فيه بين الحين والآخر إلا…. الأحلام…

كان الجني طيبًا معه فأعطاه بعض الطعام طيلة الأسبوع الأول الذي لن يحدث فيه أي اتصال… كذلك، أعطاه مذياعًا صغيرا يلتقط إذاعات مصرية وأخرى بلغات لم يعرفها… يبدو أنها إذاعات سفلية….!!!

كان مع “أكرم” كذلك هاتفه النقال، ولكنه لم يكن ذا نفع سوى في معرفة الوقت. وعلى الرغم من أن شاشة الهاتف كانت تضيء، إلا أنها لم تكن تظهر أي شيء من تفاصيل المكان. ولكن هذا لم يشغل بال “أكرم”. كان كل همه أن يبتعد… يترك مارينا والسيارات الفارهة والكعك وكل شيء… كل شيء تركه للجني….!

ضحك في سخرية عندما تذكر الجني، ثم قال: “والله طيب”…!!

ألم نقل لكم إن “أكرم” نموذج للاحترام؟!

ولكن الأمر لم يستمر على هذا الهدوء….

ففي حوالي الرابعة والنصف من عصر اليوم الخامس، سمع “أكرم” طرقًا على ما يفترض أنه باب القمقم، فأدرك أنه الجني، فقال: “عايز إيه؟؟! ده وقت تخبط فيه؟؟! إحنا لسه معادنا ما جاش”، فأتاه صوت الجني راجيًا يقول: “أبوس إيدك! اطلع لي أو أنزل لك”.

قال “أكرم”: “طيب إنزل انت… أنا مش عارف أطلع… إنت اللي نزلتني هنا”.

فرد الجني: “طيب أقول لك… أنا حاطلعك نتقابل في منطقة وسط”.

فقال “أكرم”: “طيب موافق، لكن قبل ما اطلع، إديت الفانوس لـ”سلوى”؟”.

أجابه الجني في حنق: “أيوه… إديت الزفت لطينة هانم”.

فصاح “أكرم” في غضب: “قلة أدب مش عايز وإلا والله ما أطلع”.

فقال له الجني في توسل: “حقك عليا بس اطلع”.

“طيب طلعني”.

بعدها، شعر “أكرم” بدوار خفيف، ثم التمع حوله نور شديد، قبل أن يجد نفسه في مكان حجرة بيضاء الجدران دون أية فتحات، وفجأة تجسد له الجني في مكانها.

لوهلة جفل “أكرم” ولكنه استعاد هدوءه؛ فهو سيد الموقف.

قال له الجني وقد عقد حاجبيه بنفس أسلوب “أكرم”: “إنت ضحكت عليا؟؟!”.

سأله “أكرم” في استنكار: “ضحكت عليك؟؟! ليه مالقتش مارينا؟؟! وللا كلوا كل التورتات”.

فقال الجني في غضب يائس: “لأ… فيه زفت مارينا، وفيه تورتات… بس… بس إزاي؟؟! إنت قلت لي: اشتغل وهات فلوس واشتري… بس ما قلتليش ليه إن مرتبك ملاليم كده….؟! هو انت كنت بتشتري الحاجات دي؟!”.

أجابه “أكرم”: “لأ طبعا… الناس اللي معاها فلوس بس هي اللي تقدر تشتري… أنا مرتبي يا دوب على قد الإيجار والعيشة… وبين شهر والتاني حتة هدوم… لكن مدخرات مفيش عشان أشتري الحاجات دي أو أروح مارينا”، ثم مط شفتيه وتابع: “يمكن بين وقت والتاني أجيب لنفسي أكلة كويسة أو هدية لحد عزيز عليا… رحلة لجنينة مع الزملاء… لكن غير كده مفيش”….!

فراح الجني يضرب بكفيه على جانبي رأسه وهو يقول في حسرة: “وليه؟؟! ليه ما قلتليش؟! وبعدين إيه “سلوى” دي؟!. هنا نظر إليه “أكرم” محذرًا، لكن الجني تابع قائلًا: “دي فظيعة… مش طفلة… دي معجونة بمية عفاريت… وللا جارك السيد “رأفت”…. الراجل ده حيوان بمعنى الكلمة….!! وبعدين تعالى هنا”، ثم اكتسى صوته ببرود مفاجئ وهو يسأل “أكرم”: “إنت ليه ما قلتليش إن مشوارك لحد الشغل بياخد ساعتين رايح وزيهم جاي؟! هه…؟! وبعدين إيه التكاتك دي….!”.

هنا قال “أكرم” في نفاد صبر وبرود: “نهايته… عايز إيه؟؟!”.

قال الجني في توسل: “أرجع القمقم تاني”.

مط “أكرم” شفتيه وقال: “بس كده بتكون نقضت العهد معايا وده ممكن يعرضك لعقوبة زي ما أنا فهمت”.

قال الجني في حزن: “لو تم بإرادتك يبقى عادي… أرجع القمقم تاني”.

فقال “اكرم”: “وأنا إيه اللي يجبرني أرجع لعالم البشر تاني؟!”.

هنا أدرك الجني أن “أكرم” قد يوافق، فقال في لهفة: “أحقق لك سبع طلبات”….!!

“طيب سيبني عشر دقائق أفكر”.

وبعد أن مرت الدقائق العشر، قال “أكرم”: “موافق. تحقق لي السبع طلبات وبعدين ترجع القمقم”، ثم صمت وقال: “وعايز تطلع إمتى؟!! أنا ممكن أدعك الفانوس تاني تطلع لي وتحقق لي سبع طلبات تانيين وتبقى حر”….!!

قال الجني: “لا يا سيدي… مش عايز منك حاجة… بكرة واحد يدعك الفانوس ويطلعني… بنت اختك رمته في الشارع وهو دلوقت مع واحد كويس كده من مجاذيب الترب… هو حاليًا بيفكر يدعكه بس قلقان فبيسأل الناس اللي حواليه… هو قلبه حاسس إن ده فانوس مش طبيعي”…!!

فقال “أكرم”: “طيب خللي المجاذيب ينفعوك… المهم… أنا دلوقت موافق على طلبك. تحب نبدأ إمتى؟؟!”.

قال الجني في سعادة مهولة: “من دلوقت لو حابب”…. ثم أضاف في لهجة مغرية: “وعلى فكرة…. أنا ممكن أقترح عليك أول طلب…”، فرفع “أكرم” حاجبيه في دهشة متسائلة وقال: “وإيه هو بقى؟!!”.

“اخلصك من جارك السيد “رأفت”….!”.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون