بالتأكيد لن أفعل ذلك..
تلك أشياء تافهة، يقوم بها المتدربون الجدد على الشر، الذين ما زال عظمهم طريا، حتى يشعروا بالثقة في النفس، مما يمهد لظهور روحهم الابتكاريـة، فيضعون ـ مستقبلا ـ خططا ذكية، لا تخر منها المياه.
فتياتكم، البنات المطيعات، اللاتي تتفاخر بهن أمهاتهن في الزيارات العائلية: بأنهن شاطرات في شغل المطبخ، سيقضين فترة ما قبل النوم، وهن يضعن خططا لطيفة، لجذب انتباهي، وسيهمسن وهن يحتضن الوسادة: “انه ساحر”.
بينما الأمهات المثاليات، يؤنبن دوما أبناءهن، القاعدون قدام التليفزيون: “بصوا إلى الشرير، ليتكم تطلعون مثله”.
سأكون نفسه، الولد النحيل، الطيب، الذي يقــول لجيرانه: “صباح الخير”. ومن أجل العجوز، ساكن الدور الأخير، والمواظب على صلاة الفجر حاضرا، سأركب لمبة نيون، تنير له السلم.
السلم الذي ظل لفترة طويلة مظلما، ولم يفكر أحد من أولاد الكلب، ساكني العمارة، في تركيب إنارة له.
نوع جديد من الشر، لم تسمعوا به من قبل، أنا متأكد من أنكم ستحبونه، وتتمنون أن تفعلوا مثله، فتبدو واضحة نبرة الغيرة في أصواتكم، وأنتم قاعدون على المقاهي، تدخنون الشيشة، وتراقبون المارة، وتقولون: “انه يفعل السحر”.
الرجال الطيبون، أحيانا يحنون إلى لذة قديمة، مجرد تذكرها يجعلهم يحلمون بالأورجازم، فيتسربون إلى الحمام، بعيدا عن أعين زوجاتهم، المشغولات في الطبيخ، يداعبون بعنف عضو الشر الضامر، وبعد عدة محاولات يائسة، يخرجون غاضبين، ناقمين، ملقين باللوم على نظام الأسرة، والتعليم، الذي كتم مواهبهم الفذة، وحولهم إلى مسوخ باردة كالموت.
أما الرجل، الذي تطلع صوره كثيرا في الصحف، لن يداعب اليوم سكرتيرته، أو يروى لها آخر نكتة قبيحة، وسيؤجل كل مواعيده، يغلق المكتب على نفسه، ويقول بأسى: “لقد فشلت.. انه شرير حقيقي، أما أنا فمجرد فالصو”.
ــــــــــــــــــــــــ
*قصة من مجموعة “عجائز قاعدون على الدكك”