رضوان بن شيكار
الذكرى فخ وأنت مفلس
تعبر نهر الذكريات بقارب من ورق،
وتمتطي صهوة خيول كسيحة
لا تقوى على الصهيل والجموح،
فليس في العمر متسع لضجيج آخر
تطل به على مرايا الأفول،
لتداري عزلة الأمكنة التي تختبئ
وراء أسمائها القديمة،
لو أبطأت في السير قليلا،
فالمحن الآن تجاسرت والخطوات تعبت
في أول الطريق وسط خراب الاحتمالات،
التي تملأ سلال الوقت بأوراق
الأيام المتساقطة من دخان القرابين.
هكذا قالت العرافة الغجرية
ذات الفستان الاندلسي الزاهي الالوان،
وهي تقرأ قسماتي وتمعن النظر
في خطوط جبيني،
وتضع حبات قمح في منقار عصفور
بريش كثيف ورأس غريب
يشبه فاكهة الخوخ المسطح،
تحمله على كتفه وقد وشمت صورته
أعلى صدرها النافر.
قلت أنا أيضا ظلي الذي يلازمني
ويلتصق بجلدي منذ البدء لا يشبهني،
ثقيل كمعطف مبلل
وجاثم على صدري كربو مزمن،
لا أتذكر أين التقينا أول مرة
أو كيف تعاهدنا على هكذا وفاء،
أنا أيضا أتدحرج كما شاء لي العبث،
ككرة ثلج نحو زقاق المدن المأهولة
بالضجر والجند العائدين من حروب خاسرة،
يتشمسون في الحدائق ويتزاحمون على لعب الورق
والنرد وسرد البطولات الوهمية.
قالت دع الحكاية تشعل أصابعها،
لتنير ليلك الطويل وتسير إلى حيث تشتهيه
المساءات الصيفية المضمخة بعطر الغوايات،
المزهرة في تخوم الرغبات،
وامض إلى حيث شاء لك البياض
الذي يلتمع في آخر النفق،
مثل قباب مضيئة لمدن ظاهرة
في الأقاصي،
وأنت تركض في غياهب العتمة الفارغة
من عشب الصباحات المرشوشة بالندى.