سمير عبد العزيز
استقر في ذهنه أن يبحث عن صديقه القديم الخارج من جراب الذكريات، مضى عقدان على آخر مرة زاره فيها كان عمره حينها يزيد قليلا عن الثلاثين عاما، قطع فيهما العمر ما قطع وغيّر أشياء كثيرة.
في ورقة ضمتها مفكرة قديمة كتب فيها اسم صديقه ثلاثيا ورقما لهاتف منزلي وعنوانا مقتضبا لا يحمل اسما لشارع أو رقما لمنزل وتخطيط في مخيلته عن المكان خاض رحلة البحث.
كان الجو غائما وعقارب الساعة تشير إلى الثالثة من عصر أحد أيام الشتاء عندما وطأت قدماه نهاية سور مبنى حكومي بناحية الوراق يطل على كورنيش النيل، انعطف يساره فاستقبله شارع طويل متسع ترجل فيه مغمغا: ثالث شارع جانبي إلى اليمين أنعطف فيه، كان الشارع طويلا وضيقا، تقوم على جانبيه بيوت بينها ممرات جانبية تقاطع الشوارع الأخرى.
قصد رجلين عجوزين يقفان أمام أحد البيوت وطرح عليهما اسم صديقه وكل ما يعرفه عنه، بعد برهة من الوقت قالا له: فى أى شارع ورقم منزل يقيم؟ أجابهما وهو يومئ برأسه: لا أعرف، ولكن أتذكر أنه ثالث شارع جانبي إلى اليمين، وخامس أو سادس بيت على اليسار.
صمت العجوزان مليا ثم قال أحدهما وهو ينظر للآخر: لا يوجد أحد في كلا البيتين بهذا الاسم. شكرهما وترجل فى الشارع فوجد مجموعة من الفتيان يتحدثون مع بعضهم البعض طرح عليهم ما طرحه على العجوزين من أمر صديقه.. أعادوا عليه نفس سؤال العجوزين، أخبرهم بما قاله آنفا… سادت فترة صمت قصيرة ثم أشاروا عليه أن يسأل صاحب حانوت قطع غيار السيارات الواقع على ناصية الشارع فهو يعرف الكثير من سكانه، قصد الحانوت وطرح على صاحبه ما طرحه على العجوزين والفتيان.
غادر الحانوت والشارع خاوي الوفاض، عرج على جل الشوارع الجانبية الى اليمين دون أن يعثر على أي أثر لصديقه.
على مقهى جلس يحتسى مشروبا، ويستريح قليلا قبل أن يعاود جولته من جديد.