مرزوق الحلبي
المدائنُ التي تنام وأبوابُها مفتوحة
إلى الفجرِ،
والمدائنُ التي تسير وظهرها مكشوف
كميّالِ الشمسِ
عُرضة للاغتيالِ
سيغتالها الشيخُ لأنها تمنح النساء أسماءهن
وأجنحةً
وتفتح لكل امرأة ممرًّا إلى ذاتها
في الليل
سيغتالها القوّاد لأن الصبايا يركلن باب الوقتَ
بخلاخيلهن
ويُمارسنَ الحبّ وهنّ ضاحكاتٍ
ويرقصن ما في قلوبهن الفتيّة
دون حساب لأحد
ويغتالها التاجرُ لأنها ستشتري من الفلّاحات
وبائعات الوردِ والأساور
ومن أطفالٍ ينامون على مصاطبها
كلّما جاعوا
سيغتالها معلّم اللغةِ لأنها ستتعلّم لغات أخرى
وتستعير من القوافل لهجاتها
مثل التوابل
والحبرِ
والخواتم
سيغتالُها التافهونَ
لأنها تربّي الأملَ
واليمام فوقَ السطوح
لأنها تفتح للشاعرِ أن ينكسرَ على عتباتها
ويفوح
وللعالِم كي يكتبَ ميثاقَه عكس الخُرافة
لأن الورّاقين يفتحون الكتب على مداراتها
سيقتلها العاجزون عن الدخولِ في المقام الذي تُحبّ
وعن السير في رتم أغنياتها
سيغتالها بائع العقاراتِ
لأنها تعيش بفرح في المباني القديمة
والأبراجِ
والعلالي
سيغتالها الطاغيةُ
لأن للمدائن ذاكرة
وأغانٍ
تحفظ السرَّ
تنقله من صبيّ إلى صبيّة
سيُريّفها الحرّاسُ ويسدّون باب الهواء
وباب الماء
سيقطعون شرايينها
هم الطُغاة يكمنون للمدائن في زاوية الوقت
ويُطلقون!
كلّ المدائن في الشرقِ، يا حبيبتي، عُرضة للاغتيال
..
(كانون الثاني 2021)