اسمي “شاعرة”

اسمي "شاعرة"
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

لو كتب لي أن أغير اسمي لأردت اسم "شاعرة" أو "كاتبة".

الشعر هو يدي الوحيدة التي أرفرف بها. صوتي الذي يخرج يابساً.

الشعر هو كل ما لا أملكه وكل ما أملك بطريقة ما.

بدأت القراءة مبكراً من خلال الأدراج الكثيرة المفتوحة في بيت أبي، وهدايا الأخوال والأعمام.

أحببت قصص الأنبياء في بيت عمي. كان يحضرها لأولاده وأقرأها أثناء الزيارات.

ثم قرأت ما كنت أعثر عليه مصادفة في بيت أبي في أدراج كنبة صغيرة نمت أحياناً على سطحها. كنت أقرأ في الظلام حتى لا يضبطني أبي ساهرة. كنت أظن أنه لو ضبطني وأنا أقرأ سيظن أنها خدعة جديدة حتى لا أذهب إلى المدرسة، إلى مقعدي في الصف الذي كنت وما زلت أظن أنه يزداد حضوراً كلما تغيبت.

لم يكن هناك أي غموض أو ضوء يسقط من السماء فأشعر أني كاتبة، أن لدي رسالة ومشروع للكتابة. لم يكن هناك أي شيء سوى اللحظة التي كنت أريد أن أكتب فيها. أن أجعل كل شيء يمسك بيدي.

الدوار هو الوصف الملائم لعلاقتي بالكتابة. الخوف من السقوط والرغبة بقوة في الانتهاء..

قرأت في مقال مترجم أن ميلان كونديرا وصف الكتابة أنها رفاهية وجود عزلة تسمح بأن تكتب. لا أعرف إذا كان يمكن وصف فرصة الكتابة على أنها رفاهية قدر ما هى إصرار أن يكون لديك ما تحكيه. أن تتمسك بما تملك من الهشاشة. أن لا تفتح النور على عزلتك الحبيبة. ألا تشعر بالقرب الكافي  وأن تحب.

نشر ديواني الأول “ذلك البيت الذي تنبعث منه الموسيقى” ضمن إصدارات “الهيئة العامة لقصور الثقافة” في القاهرة 1999، تحمس لكتابتي الناقد عبدالمنعم تليمة وقرر نشر ديواني الأول ضمن مطبوعات سلسلة كتب كان يترأسها وتصدر عن الهيئة. .كنت في السنة الأولى من الجامعة. حصلت على 600 جنيه عن نشر الكتاب وذهبت مباشرة إلى مكتبة لأشتري كتباً على اعتبار أني أصبحت “مثقفة” الآن . سألت عن ديوان محمد الماغوط لأن كثيرين نصحوني بقراءته. اشتريت الأعمال الكاملة مع كتب أخرى لا أذكرها وديوان “ورد أقل” لمحمود درويش. نصحني البائع بأن أشتري الكتب الممنوعة التي تتحدث عن الجنس وما شابه، ولم أفعل. فضلت أن أشتري ما أراه خطواتي القادمة على طريق الشعر.

كان ديواني الأول عن بنت صغيرة تشعر بالعزلة في “ذلك البيت الذي تنبعث منه الموسيقى”، ثم ديواني الثاني “وردة للأيام الأخيرة” 2003 عن دار ميريت، والديوان الثالث والرابع والخامس عن بنت تشعر بالعزلة أيضاً في ذلك البيت وذلك العالم.

لا أريد أن تبدو الكتابة الآن اعتذاراً عن كل ما لا أجيد. مثلاً لم أكن أشعر بالراحة عندما أقف في مظاهرة. كنت أخاف لا أعرف ممّ أو ممن، وكان هذا قبل سنوات طويلة من مغادرتي مصر في 2007. كنت أجيد الهتاف بدون التردد، لكني كنت أخاف من أن يسمع صوتي حين يسكت الزحام. هل لهذا لجأت للشعر؟ هل هذا هو معنى الشعر؟.

وقت خرجت مع أصدقائي في سنواتي الجامعية الأولى في مظاهرة ضد البضائع الأمريكية وجدت نفسي أذهب لأشتري ساندويتشات لمن يهتفون.  ولم أفكر وقتها سوى أنهم غالبا ما سيشعرون بالجوع بعد يوم طويل من النضال. 

مقالات من نفس القسم