اتنين لمون

حاتم عبد الله
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حاتم عبد الله

يتأملُ في شغفٍ ملامحَ طال الشوقُ إليها، ساقها القدرُ إليه، عيونها الناعسة الهادئة، التي اعتادت الابتسامة الرقيقة، حتى في مشاكساتِها.

“ضجيجُ التلاميذِ يملأُ سمعَه، في بداية الطابور الصباحي، خرجَ مسرعًا نحو الإذاعة المدرسية، ككلِ سبت، ممسكًا بورقةٍ تحملُ عناوين أخبارٍ، التقطها قبلَ مجيئِه، سريعًا من نشرة السابعة صباحًا في الراديو”.

أخذا رشفة ليمون يتوسط جلستهما، وعاد يدقق بصره على وجهها في فرح، مستعيدًا كل بسمات عينيها، القديمة.

“وجدها وسط زحامٍ من التلاميذ، تتقدم أيضًا لإلقاء كلمة إذاعية، في لخبطةٍ أحدثها غيابُ المدرسِ المشرفِ على الإذاعة”.

مدفوعًا بغير إرادته، كان يتجاوزُ حكاويها عن عملِها وزميلاتِها؛ تحديدًا عن زوجةِ صديقه، التي قادتها إليه، بينما تجلسُ مع زوجها، على مقربةٍ منهما.

“تبادلا نظرات الندية، نظرة نارية منه مقابل أخرى هازئة منها، وسريعًا اختاره أحد المدرسين البدلاء عن الغائب، لكن بديلًا آخر اختارها واستبعده بداعي تَشَابُه كلمتيهما، اختارها فقط لأنها الأشطر دراسيًا”.

لاحظ تضاؤل النمشِ الصغيرِ حول عينيها، ولمسَ بنظرةٍ فاحصةٍ نعومةً كانت ضائعةً تحت نمشِ الصِغَر.

“غَضِبَ، ومزقَ ورقته قبل أن يعود إلى مكانه في طابور الصف الخامس، لكن مدرسة تقف على هامش الطابور، كانت تراه متكبرًا، أبت أن تمررها في صمت، ورفعت صوتها تعاتبه، بالدرجة التي تُسمع زملاءها”.

يعشق المرأة البضة، لكن امتلاءها، المناقض لرشاقتها القديمة، أزعجه بعض الشيء، فقصر تعامل عينيه على مشابِهات الماضي، في النصف العلوي فقط.

“أحد المشرفين عَلِم من كلمات العتاب، طبيعةَ الواقعة، فأعاده إلى واجهة الطابور، فعاقبه ضربًا بالعصا على يديه”.

أحس بطنينٍ في أذنيه من كثرة كلامها –بينما لم ينتبه إلى تفاصيله مطلقًا- وتمنى لو تصمت أو تكتفي بكلمات تلغرافية؛ كما كانت عادتها.

“وبينما كان المدرس المشرف الذي يعرفه جيدا، يضربه ضربًا غير مبرح، وهو يبكي إحساسًا بالظلم، كانت التلميذة المشاكسة تخرج له نصف لسان، ممزوجًا بنظرة انتصارٍ باسمة، كعادتها.”

وعندما كان الضجرُ والمللُ قد تسربا إلى جلسته، وجد صديقه وزوجته يقتحمان خلوته، وكأنهما يوقظانه من أحلامٍ قديمة، ليأخذا العروس “الغريبة” التي جاءت معهما للتعارف.

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

خلخال