إدريس علوش: لا أكتب لأبقى بل لأقترب من مربعات الموت

إدريس علوش
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام
حاوره: رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الشاعر إدريس علوش
1.كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟
تغريني جملة شاعر من شمال إفريقيا، تعريف شامل هكذا أعتقده، ولهذا الاعتبار أعتمده.
وأيضا صفة الكاتب ،أحيانا أخالها صفة منفعة عامة.
لكن بصدق يصعب علي أن أُعرف نفسي، هذه مهمة شاقة.
2. ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
بصراحة هذه الأيام لا أعرف ماذا أقرأ ، وهي عادة تعتريني أحيانا ،فوضى خلاقة. أقرأ أكثر من عشرة كتب أو أقل لا أعرف وقبل أن أتمها أجمعها وأعيدها إلى رفوف المكتبة . أعيد أحيانا قراءة الكتب التي صدرت قبل ربع قرن أو كثر، القراءة الثانية والثالثة ملهمة غالبا ممتعة ومفيدة، أعدت مثلا قراءة الخبز الحافي رائعة الكاتب المغربي محمد شكري مرات عديدة وهو ما فعلته مع بعض المجاميع القصصية لإدريس الخوري وروايات محمد زفزاف ،صياد النعام لأحمد بوزفور القاص المغربي الممتع أعيد هي الأخرى قراءتها وأيضا رواية الشرق المتوسط لعبد الرحمن منيف ومرايا لنجيب محفوظ ،وهو ما فعلته مع رائعة حيدر حيدر “وليمة لأعشاب البحر”.
أتصور أجمل كتاب قرأته ولو أن الأمر عندما يتعلق بالكتب فهي تتفاوت من الناحية الجمالية من كتاب لآخر من حيث مضامين النص وأشكال الكتابة ومن حيث المتعة الممكنة التي قد يحققها هذا الكتاب ويتجاوز كتابا آخر وهكذا رواية “الأم” لماكسيم جوركي.
3. متى بدأت الكتابة ؟ ولماذا تكتب ؟
بداية ثمانيات القرن الماضي بدأت بالزجل ثم القصة القصيرة أكيد لا يمكن نسيان اليوميات في المرحلة التلاميذية لا زلت أحتفظ بهذه الكراسات الضخمة المكتوبة بالحبر الأزرق رغم أنها غير قابلة للنشر.
أكتب لأني لم أرتح لوظيفة أخرى عدا الكتابة.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها..؟
زهرة المدائن “القدس”
لأن بها حي المغاربة وحيثما يوجد المغاربة فإني أحن لأزقتهم ودروبهم خصوصا عندما تنطق أرضهم بلغة الضاد كمكون إيجابي من مكونات الهوية الثقافية المغربية المتعددة والمتنوعة والمختلفة في آن والتركيبة الاجتماعية والبشرية، ومن حق الأرض أن تنطق بلغة أصحابها الشرعيين في مثل حالة القدس عاصمة فلسطين المحتلة، بعيدا عن شرك ومربعات الاحتلال الغاصب وألاعيبه المعتادة في طمس هوية المدن الحقيقية والأمكنة التراثية.
5. هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة..؟
راض لا، أقصد لست راض كل الرضى عما كتبته، الكثير مما كتبته عدا “الطفل البحري” أعده تمرينا في الزراعة.
عن أعمالي القادمة “رواية” عنوانها “فحوى الشتات” .
بدأت كتابتها سنة 1995 في مدينة الفقيه بن صالح ولم أنته منها بعد لأني منذ توقفت عن استمرار كتابتها ،لم أعد إليها إلى النص والرواية ، حاولت مرة أو مرتين لكني دائما كنت أجد نفسي في دائرة زمن الرواية المغلق ،آسير القصيدة وفحواها.
6. متى ستحرق أوراقك الإبداعية وتعتزل الكتابة..؟
يوم 27 ماي 1964
إذا لم أفعل سيفعل الموت ذلك بعد غيابي.
أنا لا أكتب لأبقى، أكتب لأقترب من مربعات الموت أيضا.
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
“الطفل البحري” ولأجل هذا الاعتبار لم أنتبه كثيرا لم يسمى بطقوس الكتابة.
8. هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
حسب ارتباطه العضوي بالقضايا المصيرية التي يعيشها المجتمع الذي ينتمي إليه هذا الكاتب. أو مدى انخراطه في الصيرورة النضالية والكفاحية لشعبه. أو حسب قدرته ليكون قوة اقتراحية وفاعلا في المجتمع وإيجابيا في الفعل والممارسة والانتماء بعبارة أدق، والسؤال دائما هو أن يكون أو لا يكون.
ولو أن الليبيريالية المتوحشة وهي واحدة من أعلى المراتب التي ضخها الرأسمال العالمي منذ بداية الألفية الثالثة لتصل إلى سقف مداها ليصبح الانسان سلعة وماركة غير مسجلة في سوق الاستهلاك وثقافته .
وهذا يجعل هذا الانتساب والفعل والانخراط صعبا ولهذا الاعتبار يجب رفع التحدي ودينامية النضال الاجتماعي والثقافي قبل النضال السياسي.
وإلا بالتأكيد فهذا الأخير سيكون خارج السرب، حتى دون أن يغرد.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
كل هذا الجدل القائم بين العزلة والكتابة والحرية والقيد لا يعني لي شيئا والعزلة ليست بالضرورية إجبارية لدى الكاتب. وقد تكون إختيارية والحرية دائما نسبية أيا كانت، والأهم هو الانخراط في روح المبادرة والمغامرة التي تخص مجالات الابداع والكتابة.
والقيود قد يضعها الكاتب كأساور من ذهب مضروب خصوصا إذا كان انتهازيا وعينه على المال العام ساعة يشيد قلاع هذا الاخير ويهدم المشترك والمنفعة العامة، وهذا النوع متوفر في المشهد الثقافي المغربي وهذه المرة بكثرة وفي أكثر من رواق في معرض الرباط الدولي للكتاب والنشر، هل أدلك على الأسماء أتصور أنك تعرفها أكثر مني، أو على الأقل هي تعرف نفسها أكثر منا جميعا.
10. شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا ؟
كارل ماركس، لأقول له ما قاله الشاعر محمود درويش في إحدى قصائده “والطبقات قلَّتْ يارفيقْ”.
11. ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا..؟
لا شيء تقريبا لأني سليل أخطائي وسليل الاستعارات التي أحيا بها، وأنا أيضا امتداد لم قد يحدث مستقبلا حتى لو كان الحدث عدما أو شبه وجود لا يهم وأنا أدرك أن الأمر عندي سيانا.
لكن في نفس الوقت يغريني هذا التعبير المسمى “البداية من الصفر”، لكن كيف فهذا شرف لا أدعيه .
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
هما معا الذكريات في الضفة العميقة من القلب والفراغ في زاوية من نفس القلب، الكل يبقى مخزنا في الوجدان ،تطفو وتختفي وفق الحالات التي يمكن أن تعتري الانسان من حين لآخر.
13. صياغة الأدب لا تأتي من فراغ، بل لا بد من وجود محركات مكانية وزمانية. حدثنا عن ديوانك ( الطفل البحري ) .كيف كتب وفي أي ظرف..؟
الأدب قد يعكس أحيانا الروح المثابرة للمجتمع وأثره في التقدم والنمو. وهو دوما يستمد هذه القوة من الجدل القائم بين المكان وأتربته والزمان وعقارب ساعاته.
و “الطفل البحري” كتب بماء البحر والطفولة والغريزة
هذا ما أتذكره جيدا وحدث وفق التقويم الزمني في أواسط ثمانينيات القرن الماضي.
14. ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
أتصور لولا الحاجة إلى الكتابة وجدواها ما كتب الانسان حرفا ،والقول بأن الحاجة أم الاختراع ملهم في مثل هذه الحالة .دائما سنجد أسبابا وشروطا مادية وموضوعية تدعو الانسان للإبداع والكتابة للتعبير عن سر انتمائه للوجود وقلقه.
والكتابة بهذا المعنى تصبح جزأ أو شكلا من أشكال تعميره للأرض.
15. هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه؟
الوطن كما قال الشهيد غسان كنفاني : “هو أن لا يحدث كل هذا يا صفية”
أو بمعنى آخر أن لا يغترب الحلم ويعيش في ازدحام ويقابله جدار
الوطن سعة بحجم اللامتناهي.
16. كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
نوعا من التجريب ليس إلا
أفق جديد سريع ومغاير للإبداع والتواصل.
17. أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
ولادة أبنائي إياد 1999 وأسعد 2002، كانت هي أجمل سيرة لي ولا تزال في الوجود وأثرطيب في الأرض.
وأسوائها كان عندما قررا الذهاب إلى الفردوس المفقود “الأندلس” بدعوى متابعة الدراسة.
18. كلمة أخيرة أو شيء ترغب الحديث عنه؟
شكرآآآ لأنك سنحت لي الفرصة لأتحدث وبحرية عن جانب من الهواجس التي تشغل مساحة في قلقي الفكري والذهني

مقالات من نفس القسم