شيموس هيني
ترجمة: نزار سرطاوي
جلست طوال فترة الصباح في عيادة الكلية
أعُدُّ الأجراس التي تعلن نهاية الحصص الدراسية.
في تمام الساعة الثانية أقلّني جيراننا إلى البيت.
في الشرفة التقيت والدي وهو ينتحب –
كان دائما يأخذ الجنازات في خطوته –
وجيم إيفانز الكبير يقول إنها كانت لطمةً قاسية.
راح الطفل يهدل ويضحك ويهز العربة
عند دخولي، وشعرت بالحرج
أمام الرجال الكبار الذين وقفوا ليصافحوني
ويقولون لي إنهم “آسفون لمُصابي،”
الهمساتُ أنبأتِ الغرباءَ أنني الولد الأكبر،
بعيداً في المدرسة، بينما كانت والدتي تمسك يدي
بيدها وتسعلُ تنهّداتٍ غاضبةً بلا دموع.
في تمام العاشرة وصلت سيارة الإسعاف
تحمل الجثمان، وقد أوقفت الممرضات نزيفها وضمّدنَها.
في صبيحة اليوم التالي ذهبت إلى الغرفة. أزهار اللبن الثلجية
والشموع أضفت الهدوء حول السرير؛ رأيته
للمرة الأولى خلال ستة أسابيع . وقد غدا الآن أكثر شحوباً،
يحمل كدمةً حمراءَ على صدغه الأيسر ،
كان يرقد في الصندوق البالغ أربعة أقدام طولاً كما في مهده .
لم تكن هناك ندوب ظاهرة، فقد ضربه واقي الصدمات ضربةً مهلكة.
صندوق طوله أربعةُ أقدام، قدمٌ لكل عام.
————————————–
Seamus Heaney
Mid-Term Break
I sat all morning in the college sick bay
Counting bells knelling classes to a close.
At two o’clock our neighbors drove me home.
In the porch I met my father crying—
He had always taken funerals in his stride—
And Big Jim Evans saying it was a hard blow.
The baby cooed and laughed and rocked the pram
When I came in, and I was embarrassed
By old men standing up to shake my hand
And tell me they were “sorry for my trouble,”
Whispers informed strangers I was the eldest,
Away at school, as my mother held my hand
In hers and coughed out angry tearless sighs.
At ten o’clock the ambulance arrived
With the corpse, stanched and bandaged by the nurses.
Next morning I went up into the room. Snowdrops
And candles soothed the bedside; I saw him
For the first time in six weeks. Paler now,
Wearing a poppy bruise on his left temple,
He lay in the four foot box as in his cot.
No gaudy scars, the bumper knocked him clear.
A four foot box, a foot for every year.
—————————————
نعى شعراء العالم في أواخر شهر آب / أغسطس 2013 الشاعر والكاتب المسرحي والمترجم والمحاضر الأيرلندي الحاصل على دائزة نوبل للآداب عام 1995 شيموس هيني. فقد وصفته صحيفة الإندبندنت بأنه ربما يكون أعظم شاعر في العالم. وقالت كارول آن دافي أميرة شعراء المملكة المتحدة إن شيموس قد أصبح بالنسبة لإخوانه وأخواته من الشعراء مقياساً ومثلاً، وإنه لا يمكن لأحد أن يحل محله. أما أندرو موشن، مدير أرشيف الشعر، فقد وصفه بأنه شاعر عظيم وإنسان يتمتع بألق وذكاء استثنائي. وأشاد الشاعر دان باتترسون به قائلاً إن موت هذا الرجل المحبوب قد أحدث على ما يبدو شرخاً في اللغة نفسها، بينما وصفه ماتيو هوليس محرر الشعر في دار فيبر أند فيبر بالشخصية الأبوية. أما الشاعر الإيرلندي بول مولدون فقد فال في تأبينه إن هيني “قد ساعدنا جميعاً أن نطور طاقاتنا التخيلية.”
ولد شيموس هيني في مقاطعة ديري، أيرلندة الشمالية في 13 نيسان / إبريل عام 1933 لعائلة تعمل في الزراعة. حصل على منحة للدراسة قي كلية سانت كولمب في ديري، حيث بدأ بممارسة العمل الأكاديمي، مما مكّنه أن يعمل في جامعة كوينز في بلفاست، حيث كتب أولى مؤلفاته الشعرية. ومن هناك انطلق ليعمل استاذاً للبلاغة والخطابة في هارفارد وأستاذاً للشعر في أكسفورد.
تعتمد شهرة هيني إلى حد كبير على الموضوعات التي عالجها، والتي تتعلق بأيرلندا الشمالية الحديثة بمزارعها وريفها ومدنها التي يسودها الصراع، وبثقافتها واللغة التي يسيطر عليها الحكم الإنجليزي. فقد تناول هيني المشاكل أو الصراعات السياسية التي عصفت بالبلاد، إذ كانت كثيراً ما تتسم بالعنف. وقد حاول الشاعر أن يرى هذه المشاكل في سياقها التاريخي من منظور إنساني.
أصدر هيني العديد من الدواوين الشعرية، منها موت رجل واقعيّ (1966)، باب نحو الظلام (1969)، الخروج شتاءً (1972)، الشمال (1979)، قصائد مختارة 1965 – 1975 (1980)، قصائد مختارة جديدة 1966 – 1987 (1990)، تخيُّل أشياء (1991)، الضوء الكهربائي (2001)، المنطقة والدائرة (2006)، سلسلة بشرية (2010)، كما أصدر في عام 1999 ترجمةً حديثةً للقصيدة الملحمية الإنجليزية القديمة بيوولف.
بالإضافة إلى نوبل حصل هيني على العديد من الجوائز، منها جائزة جيفري فيبر التذكارية (1968)، جائزة إي إم فورستر (1975)، جائزة القلم للترجمة (1985)، جائزة الإكليل الذهبي للشعر (2001)، جائزة تي إس إليوت (2006)، وجائزة ويتبريد مرتين (1996 و 1999). كما حصل في عام 1912 على جائزة جريفن ترَسْت للتميز عن أعماله الشعرية الكاملة.