أيام غزة -2

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 أنيتّا باروز

ترجمة: نزار سرطاوي

– اليوم 749

وقف إطلاق النار الثالث، اليوم 15

ها قد عدتَ من السجن

لتلقى أختيكَ

وقد جُنْدِلَتا: ذاتُ الشعرِ

المسترسلِ حتى أيْطَلِها

كانت مولعةً بالعَدْو. وأما الصغرى 

فهوايتها أن ترسم صورًا

لخيولٍ باللون البُني، مُرَقطّةًٍ

وسطَ حقولٍ خضراءَ فسيحةْ.

أقبلتَ تعانق أمَّك

كم هي ناحلةٌ، خسرت

من كتلتها ما يعدل أختيك

كأنّهما انتُزِعا

ثانيةً من هيكلها

عيناك  تَحُطّان على أنقاضٍ 

كانت بيتك يومًا

وعلى ٍحقل كانت أختك

تذرعه ركضًا صار رُكامًا.

ثمّةَ أشباحٌ لخيولٍ

رسمتْها أختك رسمًا

24/10/2025

 ———————-

– اليوم 750

وقف إطلاق النار الثالث، اليوم 16

ها أنت ذا تحاول أن تعود

إلى المكان الذي كان بيتك فيه قائمًا 

لكن الطرقاتِ مغلقة بالأنقضاض

محظورٌ على الآليات الثقيلة أن تزيلها.

تحاول أن تحصل على الطعام من أجلِ أطفالك

لكن العبور ليس مُصَرّحًا به  

إلا لعددٍ يسيرٍ من الشاحنات

وما هو مصرحٌّ به باهظ الثمن 

وليس فيه ما أنتم بحاجة إليه.

تجلس في العََرَبة مع عائلاتٍ أخرى

الأطفال جميعًا ينتحبون.

أمرأةٌ عجوزٌ تنتحب.

تحاول الرجوعَ إلى ذاتك،

إلى الحيّ الذي كنت تسكنه.

لكن المعابر مسدودة،

والذكريات مسدودة،

والآمال مسدودة.

حتى الإغاثة مسدودة.

حتى حُزنك غدا مسدودًا  

25/10/2025

———————-

– اليوم 751

وقف إطلاق النار الثالث، اليوم 17

حين تأتي  الأمطار

هل ستغسل رائحة الموت؟

والغبارَ الذي تحولت إليه
أجسادُ أطفالنا؟

القذارةَ الوحشيةِ

التي تملأ الطرقاتِ المتبقية؟

حين تأتي  الأمطار

وتُغرِق الاخاديد بالمياه

هل ستاخذ معها ليالي الرعب التي عشناها،

نسهر مع ألسنة النيران والانفجارات،

ونجري مسرعين لنرى إن كان أحبّتنا

ما زالوا يتنفّسون؟

هل ستأخذ معها الوجوه المتفحمة،

شظايا الصرخات، الذكريات المحطّمة؟

هل ستزيل عن أيدينا

أثقال الجُثث

وتسقي الأحياء

وتنفذ إلى جذورَها

علها تنمو من جديد؟

المباني. الطرقات. الأشجار.

26/10/2025

———————-

أنيتا باروز شاعرة وروائية ومترجمة أميركية تحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس. صدر لها العديد من الدواوين الشعرية،  وصدرت لها رواية بعنوان لغة الطيور عام 2022. كما عملت على ترجمة أعمال الشاعر الألماني راينر ريلكه بالتعاون مع الكاتبة جوانا ميسي.
درّست أنيتا الكتابة في مؤسسات تعليمية متعددة، منها معهد ناروبا وتعمل مُدرّسةً في معهد رايت ويست وجامعة كاليفورنيا في بيركلي (قسم التعليم المستمر)، كما شاركت في برنامج مدرسية للشعراء. كذلك عملت خلال فصل الصيف من عام 2005 إلى عام 2009، مع المركز الفلسطيني للإرشاد في رام الله، حيث قدمت استشارات نفسية.

بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في أكتوبر من عام 2007، والتي لم تتوقف حتى اليوم، خصصت أنيتا موقعًا على الانترنت لتنشر فيها قصائدها عن المآسي التي يعيشها الفلسطيون هناك، وكتبت على صفحة الموقع الرئيسية:

عندما بدأت الإبادة الجماعية شرعتُ بتدوين مذكرات يومية. تلك المذكرات، التي كتبت الكثير منها في دفاترَ بخط يدي هي سطورٌ متقطعة وصورٌ وقصصٌ كنت قد قرأتها أو سمعتها. تحوّل بعضها إلى قصائد جعلتها في هذه المجموعة. واستمر الأمر على هذه الحال حتى اليوم 167. آنذاك سمعتُ عن أمٍّ استطاعت إنقاذ أحد أطفالها دون الآخرين، وعن طبيبٍ كان يجمع أطرافًا مبتورة لأطفال جرحى، ويضعها في صناديق ويمهرها بأسمائهم. حينئذٍ أحسست بالحاجة المُلحة إلى أن أوثق هذه المآسي في قصيدة متكاملة أكتبها كل يوم. وهذا ما سأفعله حتى تنتهي الإبادة الجماعية.

أعتزم الاستمرار في الكتابة حتى يصبح وقف إطلاق النار دائمًا إلى أن تتحرر فلسطين.

 

مقالات من نفس القسم