قالت كرمة لأختها الكبرى فريدة: انظري إلى القمر لقد تغير شكله، كان يشبه الموزة الممتلئة، والآن هو مستدير يشبه الطبق اللامع، ترى ما الذي يغير شكله كل يوم عن اليوم السابق؟
فكرت فريدة كثيرا لتجيب على سؤال أختها، لماذا يتغير شكل القمر فيكبر ويصغر ويعود مرة أخرى كبيرا، لكنها لم تعرف السبب.
قالت كرمة: “ربما هناك وحش في السماء، يأكل كل يوم جزءاَ من القمر كلما كان جائعا؛ حتى يصبح القمر كالموزة الرفيعة، ثم يختفي تماما، ويأكل معه النجوم اللامعة”.
قالت فريدة: ربما يسافر القمر إلى مكان آخر، فلا نراه فيه، ويجمع النجمات في حقيبة كبيرة؛ عندها تظلم السماء ولا تلمع فيها النجوم التي أحبها، والتي تذكرني بأمنياتي .
قالت كرمة: ها نحن الآن لم نعرف السبب، ومازلنا لا نعرف أين يذهب القمر ولماذا يتغير شكله.
ذهبت فريدة وكرمة إلى والدهما؛ لتسألاه عن أسرار هذا القمر العجيب، فسألت فريدة والدها:
ـ “لماذا يا والدي يتغير شكل القمر كل يوم ولا يثبت أبدا على حال؟”
كرمة قالت: “نعم نعم يا والدي، لماذا يشبه أحيانا الموزة وأحيانا أخرى يشبه طبق والدتي اللامع وأحيانا أخرى يختفي تماما من السماء، وتصبح السماء سوداء بدون نجوم لامعة؟”.
وأكملت وهي تبتسم: لامعة كأمنيات فريدة أختي .
قال لهما والدهما:
ـ حبيبتاي.. سأحاول أن أبسط لكما الأمر، في الواقع القمر جسم غير مضيء، لكنه يضيء من انعكاس نور الشمس عليه، أما الجزء المعتم فهو الجزء الذي تخفيه الكرة الأرضية وهو البعيد عن ضوء الشمس. ولأن القمر يدور حول الأرض والأرض بدورها تدور حول الشمس، فإن انعكاس ضوء الشمس عليه، يتغير مع دوران الأرض، ولذلك يتغير شكله. هو لا يكبر ولا يصغر، لكن حجمه ثابت، سوى أن الجزء المضيء والجزء المظلم يتغير حجمهما مع دوران الأرض؛ بسبب ظل الأرض الملقى عليه .
قالت فريدة:
ـ نعم يا والدي لقد فهمت، أنت تقصد أنه يشبه الكرة، جزء منها مضيء وجزء معتم، ومع تغير الضوء والظل يتغير شكله، ونحن لا نرى الجزءَ المظلم فنظن أنه غير موجود.
قال لها والدها: تماما كما تقولين .
قالت كرمة: لقد فهمت الآن لماذا أراه أحيانا كموزة رفيعة، وأحيانا أخرى كرغيف خبز أكلنا منه جزءًا، وأحيانا أراه دائرة كاملة مضيئة.
قال الوالد: تغير شكل القمر يُسَمَّى أطوارَ القمر، وهي المراحل التي يمر بها القمر فيتغير شكله المرئي من مرحلة الهلال الذي يشبه الموزة، كما تقولين يا كرمة، مرورًا بالبدر الذي يشبه الطبق اللامع، ثم ينتهي بالمحاق: وفيه يختفي القمر مرة أخرى لفترة قبل أن يبدأ دورته من جديد، وهذه الأطوار تنتج من دورانه حول الأرض كما أخبرتكم .
قالت فريدة: الآن يا أبي عرفت لماذا يختفي القمر أحيانا من السماء، كنت أظنه يسافر إلى مكان آخر، لكنني الآن عرفت أنه يظلم تماما؛ ليبدأ في دورته من جديد.
في هذه الليلة عندما جلست كل من فريدة وكرمة لتشاهدان القمر من شباك غرفتهما، حيث تراقبان النجوم اللامعة، قالت كرمة لفريدة: أنا أيضا أصبح عندي أمنيات لامعة في السماء كالنجوم، مثلك يا فريدة.
قات لها فريدة: السماء ممتلئة بنجوم كثيرة تكفي لأمنياتنا معا يا حبيبتي، بل تكفي لأمنيات كل الأطفال.
كانتا سعيدتان جدا لأن القمر كان بدرا، والسماء كانت ممتلئة بالنجوم في هذه الليلة، وكانتا تعرفان كل أسرار القمر .