نافذة ديكنسون

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أنتوني لين 

ترجمة ـ أحمد فاضل

عندما نقترب من نافذة الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون اتذكر مقولتها  We are living amid the possibilities  إننا نسكن وسط الاحتمالات، فكل شيء في الحياة قابل للإحتمال حتى وهي تعتزل الناس كانت تنظر إليهم من خلف نافذتها فهو احتمال آخر قد اختارته بمحض إرادتها لحياة قد تكون أوسع مما تعيشها ، يقول الشاعر الأمريكي " ارشيبالد مكليش " عن تلك العزلة 

كانت ديكنسون تقضي أغلب وقتها في الكتابة، فقد كتبت ما يزيد عن 1700 قصيدة لم ينشر منها خلال فترة حياتها التي استمرت 56 عاما ، إلا إحدى عشرة قصيدة في بعض الصحف المحلية وبأسماء مستعارة ، ولا نعلم سببا واحدا منع باقي قصائدها من النشر آنذاك والاحتمال الأقرب له هو ابتعادها عن الجو الأدبي الذي كانت تعيشه بلدتها ماساشوسيتس الأمريكية الضاجة بالحياة التي لم تقترب منها الشاعرة لأسباب تعرفها هي ، فعاشت في عزلة مع اختها وأمها حيث كانت تفضل الكتابة عن العالم الذي تعيشه عن بعد والذي كانت تتأمله باحتمالاتها تلك ، فـانسحبت منه حتى مغادرتها الحياة في 15 مايو / أيار 1886 .

 كانت تجد في عزلتها تلك ذاتها وفي العقد الأخير من حياتها لم تغادر بيتها أبداً ، بل رفضت حتى رؤية الغرباء وكانت تكتفي بإرسال الرسائل إلى اصدقائها  وجيرانها دون أن تلتقي بهم أو حتى تكلمهم من وراء نافذتها ، لذلك فلا غرابة أنها لم تلق التقدير الأدبي في حياتها ، لكن اعتبارها أُعيد لها فيما بعد فهي تعد مع والت وايتمان أهم الشعراء الأمريكيين في القرن التاسع عشر ، وأشعارها لا زالت تلقى الاقبال وتدرس في المدارس والجامعات الأمريكية لأنها تحمل في خاصيتها معنى أن يكون الإنسان ليعيش وفق احتمالات لا يفقه معناها أو يجيب على اسئلتها وكأننا لم نفارق نافذتها منذ ذلك الوقت أو كما يقول عنها الناقد الأمريكي الشهير هارولد بلووم في دراسة مطولة عنها اعتبرت منهجا نقديا يدرس حتى الآن وصنفها ضمن أهم 26 كاتباً وكاتبةً غربيين عبر التاريخ الذي غادرته متأثرة  بعجز في الكلى .

………………

عن / مجلة نيويوركر

مقالات من نفس القسم