مراحل الإبداع الروائي عند نجيب محفوظ.. قراءة أخرى(9 من 9)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 2
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د.خالد عاشور

المرحلة الناقصة:

ثم تجىء بعد ذلك المرحلة الرابعة والأخيرة فى إبداع الكاتب والتى تبدأ بـ”عصر الحب” 1980 وتنهى بـ”قشتمر” 1988. والحق أن هذه المرحلة من مراحل إبداع الكاتب التى تمثل نهاية إبداعه الروائى ـ حيث يستمر الكاتب بعدها كاتباً للقصة القصيرة فقط ـ تعد مرحلة عصية على التصنيف؛ إذ تلاشت فيها الخطوط الفكرية والفنية الواضحة التى يسهل الإمساك بها كما فى مراحله السابقة، خاصة فى مرحلتيه الأوليين. فضلاً عن تناقص نصيب هذه المرحلة من التناول النقدى ـ كما سبق وأشرنا ـ مقارنة بمراحله السابقة.

غير أن القراءة المتأنية للروايات التسع التى تتكون منها هذه المرحلة، تكشف عن مبادىء مرحلة فنية لم تكتمل. وهى مرحلة قصد فيها نجيب محفوظ أن يوظف التراث التاريخى والأسطورى للتعبير عن قضايا الواقع المعاصر وأسئلته الكبرى. فاستطاع أن يفعل ذلك بنجاح ملحوظ فى “ليالى ألف ليلة”، و”رحلة ابن فطومة”، وإلى حد ما فى “العائش فى الحقيقة”. وهى أعمال ثلاثة يمكن أن تشكل الخطوط الرئيسية لمرحلة فنية طرق فيها نجيب محفوظ باباً جديداً من أبواب السرد الروائى لم يتمَّه، وبدأ شوطاً إبداعياً مغايراً لم يستكمله(·)؛ إذ تشتت جهده فى ملاحقة الأحداث المعاصرة التى توالت على مصر فى حقبة الثمانينيات، عبْر عدد من الأعمال الروائية المتواضعة فنياً والتى فارقت الخط الأساسى المفترض لهذه المرحلة، ومن ثم لم تُضف لرصيده الإبداعى. ولذا ننظر إلى هذه المرحلة على أنها مرحلة إبداعية ناقصة.

لقد كانت “الحرافيش” نهاية مرحلة، استشرف فيها الكاتب آفاق الأسطورة دون أن يدخلها، مفضلاً البقاء فى عالم الواقع، ومعبراً عنه من خلال السيرة الشعبية التى تتماس فى روحها مع التراث الأسطورى وعوالمه. وحين دخل فى مرحلته الأخيرة، دخل ـ بقوة ـ هذا العالم الذى استشرفه من قبل، غير أنه كان مشدوداً لواقعه أيضاً، فلم يُكمل الأعمال التى استلهم فيها التراث الأسطورى والتاريخى، وإنما جنح إلى التعبير عن هذا الواقع تعبيراً “مباشراً”. وذلك هو ما يراه فاروق عبدالقادر فى تصوره لأعمال هذه المرحلة (وإن كان يوسع من دائرتها لتشمل أعمال الكاتب منذ “المرايا” 1972) حيث يرى أن الكاتب كان مصراً على تسجيل الأحداث المعاصرة، وإبداء الرأى فيها، “وإن تنازل فى سبيل ذلك عن كثير مما يعرف من إحكام البناء وحبكة التتابع وكثافة الصور وشاعرية اللغة، ولعله أول من سيوافقك إن شئت أن تخلع عن أى من أعماله هذه صفة الرواية… إن هذا أمر لا يشغله فكل ما يعنيه هو التعبير عن تحولات الواقع بوتيرة تقارب سرعته فى التحول”([1]).

كانت بداية هذه المرحلة رواية “عصر الحب” التى لم تكن ـ فى مستواها الواقعى ـ سوى رواية عادية يعود فيها الكاتب إلى عالم الطبقة المتوسطة، والحارة، والرغبة فى الخروج منها، على نحو ما فعل فى “زقاق المدق” و”بداية ونهاية”. بل إن شخصية “عزت” تتشابه فى هذا المستوى من التفسير مع شخصية “كامل” فى “السراب” فى خروجه وتمرده على أمه وتسلطها. غير أن الرواية فى مستواها الرمزى يستلهم فيها الكاتب ـ على نحو متعجل ـ الحكاية الأبدية لخروج الإنسان من الجنة، وانفصاله عن مصدره الأول، وضلاله فى متاهات الحياة فى سبيل البحث عن السعادة المفقوة، وتنازعه بين الخير والشر (ينقسم عزت فى آخر الرواية إلى شخصين: شخص يعود إلى الحارة وبيت أمه الكبير، وشخص يفضل البقاء فى حياته الأخرى اللاهية العابثة).

 ويظهر المستوى الرمزى بقوة فى تصوير الكاتب لشخصية “عين” تصويراً يقترب من الشخصيات الأسطورية فى ملامحها النفسية والجسدية، واستعصائها على الفناء، والحكمة التى تجرى على لسانها؛ مما يبعدها عن الشخصيات الواقعية كثيراً. كما أن الكاتب يروى أحداث قصته على لسان راوٍ كرواة الحكايات الخرافية الذين يوكل إليهم عهدة الحكى وتتبع التفاصيل وإثبات الحقائق. وتُمثل الرواية بهذا المستوى أول دخول الكاتب فى عالم التاريخ الأسطورى وتوظيفه فنياً، وإن لم يفلح فى ذلك جيداً ًـ شأنه فى ذلك شأن بدايات مراحله الفنية دائماً ـ إذ بدا المستوى الواقعى فى العمل أكثر ظهوراً، وهو مستوى لا تتقدم القصة به خطوة إلى الأمام فى مسيرة إبداع الكاتب.

ثم يكتب نجيب محفوظ رواية “أفراح القبة” التى تعد استمراراً لتعثره فى بداية مرحلته الرابعة، وهى رواية يقل نصيبها من الإحكام الفنى المطلوب. فهو يعود ـ بلا داعٍ فنى ـ إلى تقنية “تعدد الأصوات”، فى غير توفيق للمرة الثانية بعد “ميرامار” (كانت المرة الأولى فى “الكرنك”). أى أن الرواية كانت عائقاً عن “مواصلة الاتجاه” فى هذه المرحلة، وهو ما سيتكرر مع الكاتب فى رواية “الباقى من الزمن ساعة” التى كتبها بعد “ليالى ألف ليلة” أولى أعماله التى استلهم فيها التراث الأسطورى محققاً فيها مستوى عالياً من الجودة الفنية حيث تتناص الرواية مع التراث الحكائى المعروف، من خلال تقسيم الرواية إلى قصص منفصلة على غراره، وبدْء أحداث روايته من حيث انتهت ليالى شهرزاد؛ فما عاشه شهريار فى خيال قصص شهرزاد هو واقعه الفعلى الذى يعيشه فى ليالى محفوظ. أى أن الكاتب جعل شهريار يعيش تجارب الليالى مرتين: مرة فى الخيال ومرة فى الواقع ثم جرى ما جرى من أحداث الرواية. ولقد دارت ليالى محفوظ فى حلقة دائرية كما فعلت الليالى العربية([2]).

ولم تضف رواية “الباقى من الزمن ساعة” لرصيد الكاتب؛ حيث أعاد فيها اجترار تيمة قديمة لديه وهى “رواية الأجيال” فى غير توفيق هذه المرة، إذ غلب عليها الاختصار والابتسار، وعدم التعمق فى بناء الشخصية والحدث، وحاول أن يوجد فيها ـ على غرار الثلاثية ـ تلازماً بين مسيرة الأجيال المتعاقبة ومسيرة الوطن وأحداثه، غير أن سرعة التناول أفقدت ذلك النزوع الفنى حرارته ( فى صفحة واحدة تتعاقب أحداث إلغاء معاهدة 1936 وحريق القاهرة وقيام ثورة يوليو) كما أن الرمز في الرواية واضح وضوحاً غير فنى؛ فبغير حاجة إلى اجتهاد نستطيع أن نعرف أن سنية المهدى ترمز إلى مصر فى جلدها وصبرها (قارن الرمز لمصر هنا بزهرة فى “ميرامار”). وحامد برهان يرمز إلى الوفد فى بدايته، ثم نهايته التى يركن فيها إلى الإنجليز (يتزوج من امرأة ذات أصول أجنبية) ثم يعود إلى سنية المهدى مرة أخرى ليموت فى حضنها. ويجترّ الكاتب مرة أخرى مفردات روائية من أعماله السابقة، فالعين الزجاجية التى أعطاها لأحمد راشد اليسارى فى “خان الخليلى” يعود فى هذه الرواية ليعطيها لمحمد حامد برهان اليمينى الإخوانى.

ثم يكتب نجيب محفوظ “أمام العرش” وهو عمل يصعب أن يوصف بأنه “رواية” وإنما هو أقرب إلى “عمل تاريخى مكتوب بلغة قصصية”، وهو عمل يعبّر مرحلياً عن حالة من عدم الاستقرار الفنى، كتلك التى كتب فيها “المرايا”. وهو يمثل تجلياً آخر من تجليات ظاهرة “شرود السرد” أو خروجه عن أنواعه المعروفة عند نجيب محفوظ. وهو فى ذلك يضاف إلى”حكايات حارتنا” و”المرايا” و”أصداء السيرة الذاتية” و”أحلام فترة النقاهة” كما أشرنا من قبل.

وبعد هذه التفريعات الجانبية التى أعاقت “مواصلة الاتجاه” لدى الكاتب، يواصل إبداعه الحقيقى فى هذه المرحلة بعد “ليالى ألف ليلة”، فيكتب “رحلة ابن فطومة” التى يوظف فيها ـ من التراث الأسطورى والتاريخى ـ شكل “الرحلة” مجسداً من خلال ذلك مسيرة التاريخ الإنسانى كله فى هذه الرحلات: “اثنتين فى الماضى (المشرق والحيرة) واثنتين فى الحاضر (الحلبة والأمان)، أو اثنتين فى الزمان واثنتين فى المكان، وتبقى دار الجيل متلفعة بالصمت والغموض، مثل أى يوتوبيا صاغها الإنسان من أشواقه إلى أن ينعم بالعدل والحرية معاً”([3]).

ويتواصل استلهامه الموفق لهذا التراث فى الرواية التالية: “العائش فى الحقيقة” حيث يتبع فى روايتها أسلوب التدوين والتوثيق الذى انتقل به تراث الأمم وعلومها، فراوى القصة يفعل مثلما كان يفعل رواة الأحاديث فى التراث الإسلامى، يطوف على عدة مصادر ليوثق روايته. وهى هنا حكاية  إخناتون أو العائش فى الحقيقة، التى يوثقها الراوى فى رحلة بحثه من أطرافها المتعددة الذين هم أبطال القصة فى الوقت ذاته، كل حسب تكوينه وعلاقته بشخصية إخناتون. وهى رواية يجسد الكاتب من خلالها فكرة انشغل بها فى روايات هذه المرحلة التى تمثل إبداعه الحقيقى: “ليالى ألف ليلة”، و”رحلة ابن فطومة”؛ ونقصد بها فكرة “الدين” ومفهومه الصحيح، والصراع بينه وبين ممثلى السلطة، وإمكانية التوافق بينهما.

ويشهد الكاتب انصرافاً آخر عن مواصلة إبداعه الحقيقى فى هذه المرحلة، وذلك فى رواية “يوم قتل الزعيم”، ورواية “قشتمر”؛ إذ كانت “قشتمر” حلقة ثالثة فى اتجاه السيرة الذاتية التى اقترب منها الكاتب فى “المرايا” ثم فى “حكايات حارتنا”.

وأما “يوم قتل الزعيم”  فتتبدى فيها عثرات هذه المرحلة التى شهدناها فى “الباقى من الزمن ساعة”، و”أفراح القبة”، على الرغم من أن بناء الكاتب لشخصية “محتشمى زايد” كان بناء موفقاً دعمه بشاعرية فى الأسلوب، مما كان يرشحه أساساً لرواية أجيال جيدة ربما كانت ستستعيد “الثلاثية” فى قوتها وإحكامها.

ولعل ذلك هو ما استدركه الكاتب فى “حديث الصباح والمساء” فأنشأ رواية أجيال حقيقية رصدت رقعة واسعة من التاريخ المصرى الحديث (من مجىء الحملة الفرنسية حتى مصرع السادات) مزج فيها بين تيمتين روائيتين من أعماله السابقة، وهى تيمة “رواية الأجيال”، وتيمة “رواية الشخصيات”، فتمثل فى هذا العمل “الثلاثية” و”المرايا” فى وقت واحد. فضلاً عن الوجود القوى لفن القصة القصيرة فى هذا العمل؛ إذ تقترب بعض حكايات شخصياته من أن تكون “قصة قصيرة” مكتملة فنياً مثل حكاية “قاسم عمرو سرور”، وحكاية “بدرية حسين قابيل”. ولقد اختار الكاتب لهذا العمل شكلاً فنياً مستوحى من بعض ألوان التأليف التراثى (مثل المعاجم مثلاً) الذى يُعدد أسماء الأعلام حسب حروف الهجاء.

أى أن الكاتب ظل مشدوداً فى هذا العمل الواقعى إلى التراث الذى بقى مسيطراً على أعمال هذه المرحلة. غير أن هذا الشكل الفنى نفسه كان عاملاً من عوامل إرباك القارىء الذى عليه أن يعيد ترتيب هذه الشخصيات التى تبلغ سبعاً وستين (لاحظ دلالة الرقم) وتمثل أربعة أجيال، فى سياق زمنى تتابعى تجنباً للخلط الذى تعمده الكاتب من خلال هذا الشكل. 

ويبقى ـ فنياً ـ من هذه المرحلة ما استطاع الكاتب فيه أن يستغل التراث التاريخى والأسطورى ويوظفه على نحو جيد، والذى تجلى فى روايات “ليالى ألف ليلة” و”رحلة ابن فطومة” و”العائش فى الحقيقة”. وهى أعمال كانت جديرة بالاستكمال للوصول بها إلى تمام مرحلة فنية قائمة بذاتها، لولا الأعمال الأخرى التى خرجت عن هذا الخط الفنى، وإن لم تخلُ من تأثر بالجو التراثى المسيطر. ولقد أوشكت “حديث الصباح والمساء” فى هذا أن تكون الامتداد الطبيعى لهذه المرحلة، لولا الشكل الفنى الذى أفلت من يد الكاتب، مما جعل الرواية تشارف على التجديد وإن لم تبلغه(·).

 وأغلب الظن أن هذا العمل كان فى أصل فكرته مشروعاً إبداعياً ضخماً على غِرار “الثلاثية” و”أولاد حارتنا” و”الحرافيش”، ولكن نجيب محفوظ لم يكن يمتلك وقتها النَّفَس الطويل لإتمام شىء كهذا؛ مما يؤيد الرأى الذى يقول: إن الرواية فى شكلها الذى خرجت به تلخيص لرواية أخرى لم تكتب، أو كتبت خطوطها العريضة ثم أسقطها الكاتب ليقدم لنا عوضاً عنها هذه المجموعة من الصور القلمية السريعة لأهم شخصياتها([4]).

ثم يأتى هبوط المنحنى الأخير عند الكاتب الذى لم يقدم بعده أعمالاً روائية، ولم يقدم  سوى عدد من المجموعات القصصية، وكتاب “أحلام فترة النقاهة”، وكتاب “أصداء السيرة الذاتية” الذى يُعد الحلقة الأخيرة فى مقاربة ذلك الفن بعدما مهّد له فى “المرايا” و”حكايات حارتنا” و”قشتمر”.

ولقد كانت حالة التوقف هذه متوقعة حيث لم يعد لدى الكاتب ما يقوله بعدما بدأ المد الإبداعى الذى صاحبه فى مرحلتيه الأُوليين فى الانحسار، ليقدم بعدها عدداً محدوداً من الأعمال الجيدة مثل “الحرافيش”، و”ليالى ألف ليلة”، و”رحلة ابن فطومة”، ويدخل غمار التجريب فى “حديث الصباح والمساء” دون مكسب كبير. وأما بقية أعماله فى المرحلتين الأخيرتين، فكان بعضها لوناً من ألوان التخبط الإبداعى بلا هدف ، مثل “الحب تحت المطر”، و”الكرنك”، وكان البعض الآخر نوعاً من الاجترار لأفكار وتقنيات قديمة مثل: “أفراح القبة”، و”الباقى من الزمن ساعة” كما أوضحنا.

ولقد عبّر نجيب محفوظ عن شىء من هذا حين قال عقب مرحلته الثانية: “أتمنى لو كان من الممكن أن أعيد كتابة ما كتبت”([5]). وفى حوار آخر بعد ذلك بحوالى عشر سنوات قال: “فيما سبق لم تكن عندى مشكلة فيما أكتب؛ فقد كان أى شىء ممكناً، وكل شىء يستحق الكتابة. فمثلاً إذا سمعت بأن هذه خانت زوجها، فمن الممكن أن أكتب عنها، أو أن هذا ضرب ذاك فمات فممكن..أما الآن فليس كل شىء ممكناً ..وهناك حوادث مثيرة لا حصر لها، ولكنها لا تهمنى…ما يهمنى الآن يشبه إنساناً مسافراً إلى الإسكندرية وصل به القطار إلى محطة سيدى جابر، فبدأ يتأهب للنزول بحمل حقيبته استعداداً لمحطة الوصول”([6]).

ودلالة النصين واضحة على ما بدأ ينتاب الكاتب من حالة انحسار فنى عقب مرحلته الإبداعية الثانية دفعته لأن يفكر فى إعادة كتابة ما كتب وهو ما تجلَّى فعلياً فى عدد من الأعمال التى أشير إليها. ثم ما انتابه فى مرحلته الأخيرة من زهد فى الاستجابة لما يجرى حوله، ومن ثم فقْد الدافع للكتابة عنه، وهو ما تجلى فى القيمة الفنية لأعمال هذه المرحلة التى عرضنا لها منذ قليل، والتى جاءت مختزلة ينقصها النَّفَس الطويل الذى تحلَّى به الكاتب فيما سبق بما يقترن به من تجويد وإتقان. وهو أمر لا ينتقص من قيمة الكاتب ولا من قيمة ما كتب. فقد ظل الرجل يعطى عطاءً غزيراً ومتميزاً فى آنٍ على مدى ما يقرب من خمسين عاماً، لا يقلل منه ما ندَّ عن ذلك فى عمل أو عملين أو أكثر. 

ختام:

لقد عُنيت هذه الدراسة برسم خطوط عامة عن طبيعة كل مرحلة مقترحة ولم يُعنَ بالتناول النقدى لأعمال المراحل، الذى يضيق عنه المقام . كما أنه لم يتعرض لمكان القصة القصيرة من مسيرة إبداع الكاتب واقتصر على رصد الإبداع الروائى، مع ملاحظة أن ذلك موضوع يحتاج لوقفة خاصة تبين متى كان نجيب محفوظ يكتب القصة القصيرة لذاتها، ومتى كان يكتبها فى مرحلة تتوسط إبداعه الروائى المتدفق؟ وتزيد الحاجة لمثل هذه الوقفة حين نعرف أن فن القصة هو الفن الذى لم يبدع الكاتب شيئاً سواه لمدة تزيد على خمسة عشر عاماً منذ آخر رواياته “قشتمر” حتى وفاته.

…………………………….

(·)بدأت بواكير هذا التوظيف للتراث الأسطورى فى “أولاد حارتنا”. لكنه يأخذ هنا منحى مغايراً خاصة فى أدواته الفنية.

([1]) فى الرواية العربية المعاصرة: مصدر سابق ص 28

([2]انظر تحليل نبيلة إبراهيم لهذا العمل فى فن القص. وانظر أيضاً “المنهج البنيوى” من فصل الناقد النصى في كتاب: البحث عن زعبلاوي

([3])   فاروق عبدالقادر: فى الرواية العربية المعاصرة ص 32

(·) نلحظ هنا ارتباط الكاتب برواية الأجيال، كفن يؤثره ويبدع فيه؛ فهى تمثل قمم مراحله الفنية، باستثناءات قليلة أشرنا إليها. عن رواية الاجيال عند نجيب محفوظ، انظر يوسف نوفل: الفن القصصى مرجع سابق ص 87

([4]) انظر: محمد جبريل: نجيب محفوظ ـ صداقة جيلين. سلسلة كتابات نقدية. الهيئة العامة لقصور الثقافة. القاهرة 1993 ص 96

([5]) من حوار مع الكاتب أدلى به لملحق الانوار الأسبوعى بتاريخ 1ـ 2ـ 1970نقلاً عن غالى شكرى: نجيب محفوظ ـ من الجمالية إلى نوبل. الطبعة الأولى. القاهرة 1988 ص138

([6])“الفن الروائى من خلال تجاربهم” ـ مجلة فصول تحقيق نشر في عدد يناير 1986

مقالات من نفس القسم