البهاء حسين
لا شىء أكثر حرجًا
من عجل يلهو ببقرتكم أمام أمك الأرملة
:
من يومها
كلما رأيت حيواناً يمارس الحب فى الشارع
دون خجل
تذكرت طفولتى
،،
أمس
رأيت كلباً وكلبة يمارسان الحب
تحت تمثال مصطفى كامل الذى يبدو على سجيته وهو يشير بإصبعه
إلى شىء لا أعرفه
وعيناه شاخصتان إلى الشىء نفسه
ربما يشير إلى مكر التاريخ بالميادين
أو إلى رغبة الكلاب المشرعة أمام الجميع
وربما ينظر إلىّ
فأنا من السهل أن تعرفنى، لأننى فقدت جيهان
:
يا للجسد وهو يتحسّر على مسرّات تخرج منه فى الهرش والتنهيد
،،
كنت أظن أننى استوفيت نصيبى من اللوعة
أن أمى استوفت حصة كل الأرامل من الحرمان
على كل
كنت أريد أن أبكى، لكن لا دموع فى عينى
لا وقت عندى، لأجهش بالبكاء
أنا مشغول بوثبة الكلب فوق حبيبته
باندفاعه فوق ظهرها كرشاش لا حيلة له فى إطلاق الرصاص
مشغول بفراغ قلبى
بهذه الأيام التى تتداولها الأيدى بتقزز
كأنها عملة مهترئة
،،
ما أجمل الحب حتى فى الهاتف
المهم ألا يكون فمك عاطلاً عن القبلات
مثل فمى
،،
منذ سنة حدقتُ أيضاً فى كلبين
من بعيد
لكنّ عواءهما كان أعلى من الرغبة
وهما يحاولان التملص من بعضهما تحت وطأة الضرب
كان الزبال يرفع هراوته الغليظة ويهوى بها
على رأسيهما
وكنت أرفع كلتا يدىّ فى الهواء كأننى أتلقى عنهما الضربات
ثم أسمع طفولتى تعوى
،،
يا للحب فى وضح النهار
حين يكون مطارداً
أو تحت المطر
غير أنى بدلاً من الحب صرت أتذكره
أتذكر تلك السعادة التى كانت تمنحها لى صافيناز
السعادة التى لم يقطعها سوى حارس الفنار على البحر
وهى تلقمنى أعضاءها واحداً واحداً
وعند صعودنا وضع الحارس يده على شهقتنا الخائفة
أتذكر عبير
قطرات المطر وهى تسقط منا وتسقط علينا
لكنّ أحدهم أيقظنا من الحب
يا للحب
كيف حرمت أمى يا إلهى من الحب
منذ 50 عاماً وهى تنتظر أن يصحو أبى من الموت
،،
كم كنت أخجل من صاحب العجل وهو يدرب فحله على ركوب بقرتنا
حتى إن يده كانت تساهم فى الإخصاب
وأمى تدير وجهها وأنا أراقب أمى وأراقب البقرة
:
حين كبرت صرت أحب نيابة عن أمى
صارت كل حبيبة أمى
،،
يا حب
يا جسدى الذى يجرفه الماء إلى ساحل بحجم اليد
أيتها الكلاب التى لا تحتاج إلى إذن من أحد، لتنبح
أنا مثلك فى الرغبة، لكنّ حظى منها العواء
،،
كان لا بد أن تحمل البقرة
هى لقمة عيشنا، نمرض حين تمرض
كنا نعود إلى المدينة مرة أخرى وأحياناً مرتين
لنطمئن أن المستقبل أصبح فى جوفها وسوف تلده فى القريب العاجل
لكننا نرجع، نحن الثلاثة ، صامتين
المشى يجعل الخجل واضحًا
كل نظرة تقع عليك تخمش بشرتك
يعرف الطريق خطواتنا حين تتلوى
يعرف، من أقدامنا الحافية أن المشى مهنة الفقراء
يعرف أن أمى أرسلتنى إلى المستقبل فوجدته حصالة فارغة
وحين عدت إليها لم أخبرها بذلك
نعرف، نحن الثلاثة ، أن علينا أن نتسلل إلى القرية فى الظلام
كى نوارى سوءاتنا
،،
كيف صنعت الحب يا إلهى
أريد، حين أفتح عينىّ ، أن أتسلق النهدين
هل تحكّ جيهان جلدها مثلى
كلما تذكرتنى
:
أنا الرجل الذى خنته يا جيهان، وأردت أن تسرقى خطواته
وهذه أمى التى كانت تأتى بك إلى حضنى
هذه أقدامنا تكلم الحصى والتراب
هذه بقرتنا تجترّ حنينى.