عبد العزيز دياب
طا… طا… طا
هي شفرة مُنَغّمَة، مُكَثّفَة ومنسجمة، كأنني وأنا أنطق بها أجهز نفسي لقيادة الأوركيسترا السنفوني، استعرتها من الفيلم المصري “عائلة زيزي”، أعجبني إيقاعها فقلت هي الشفرة التي تكون بيني وبين “بطوطة” صديقة بطوط، أو حبيبة “بطوط”، أو عشيقة بطوط فربما كانت عشيقته ولم تصرح بذلك خوفًا من عائلتها البطاطيط أن يأتوا ويقطعوا رقبتها.
طا… طا…طا
فليسمح لي مؤلف قصة عائلة زيزى وكاتب السيناريو، والمخرج، وكل صناع الفيلم أن أستعير هذه الشفرة، لأن بطوطة تعاني من قصر النصر، قد لا تنتبه لو لوحت لها براية خضراء أو حمراء أو بنفسجية، السمع عندها أكثر رشاقة ورهافة وحضورًا.
لم تمانع بطوطة أن تتعاون معي، كانت في نادى هليوبوليس تمارس رياضة الاسكواش، غادرت الملعب متجهة إلى الكفيتيريا وهى تجفف عرقها فالموضوع بالنسبة لها كان على درجة عالية من الأهمية، رحبت كثيرًا وهي ترشف من عصير الجوافة، طلبت شَفْرَةً بمقتضاها تقوم بعمل اللازم، فكانت الشفرة التي استعرتها من فيلم عائلة زيزي.
طا… طا… طا
كان ذلك نكاية في بطوط الذي أهملها كثيرًا هذه الأيام وبدأ يتردد على الراقصة “سونيا”، أخبرتها عائلة البط أن بطوط علاوة على إدمانه الخمر صار ملازمًا لها في كل مكان، فبعد قضاء السهرة بالملهى يتوجهان إلى شقة بالهرم أو أحد فنادق الثلاث نجوم، أو إلى الطريق الصحراوي خارج المدينة، وعندما ذهبت بطوطة إلى الملهى لتعود به وتنصحه بعدم التمادي في علاقته بتلك الراقصة الغاوية المغوية وجدته يحتضنها ويقوم بتقبيلها في أحد أركان الملهى.
طا… طا… طا
هي الشفرة التي طلبتها منى بطوطة لتعرف بمقتضاها أنه قد حانت ساعة هجوم عصابتي في عملية اختطاف بطوط، قالت بطوطة سأقوم بسحب مسدس الماء الذى بحوزته فلن يستطيع المقاومة، وأمنعه كذلك عن الوصول إلى الفيزبة الكرتونية وتفشل كل محاولاته للهرب.
قالت:
– اطمئن أيها الكاتب ستكون مهمة عصابتك سهلة وميسرة، فقد زللت أمام أفرادها كل العقبات.
– ألا تندمين بعد ذلك؟
– ينبغي أن تعرف أنني أقدم لك كل هذه التسهيلات لأنه من الأفضل عندي أن يكون بطوط رهينة عندك في عمل درامي، أن تمنحه دور البطولة ليقوم بعملية بحث واسعة عن “كتاب الحكايات” بمساعدة الضفدع “ضادو” لأن البطل بطوط فى عملك الدرامى قرر أن يعيش فقط في “كتاب الحكايات” بعد سلسلة من المتاعب التي تعرض لها مؤخرًا… هذا أفضل عندي من التصاقه بأحضان الراقصة “سونيا”
لم تفوت بطوطة الفرصة وتسأل عن مقابل كل هذه الخدمات التي تؤديها إلىّ، قلت:
– سأمنحك عشة في التجمع الأول، ودراجة تستطيعين بها الفرار من البطاطيط أهلك وأهل بطوط إذا شَعُرْتِ بالخطر.
كانت طماعة، قالت:
– هذا لا يكفي
بدأت تعاتبني:
– تريدني أن أساعدك لتختطف حبيبي بطوط لتبدأ وتحركه كيفما تشاء حسب سياق عملك الدرامي، تحركه ليواجه كل المخاطر التي قد تودي بحياته في بحثه عن “كتاب الحكايات” ليكون محض حكاية يحكونها للصغار، وتمنحني في مقابل ذلك عشة ودراجة.
تركتني وغادرت المكان، ناديت عليها:
– بطوطة… يا بطوطة.
اشتريت لها علبة كانز، لكنها كانت قد اختفت، أخبرني كلب رشيق يتبع سيدة هاي لايف بأن البطة التي أبحث عنها دخلت حديقة الأورمان، بحثت عنها في كل جنبات الحديقة في عائلة الأرانب، والدجاج، والماعز حتى وجدتها في صالة الديسكو تراقص ديكًا ماسخًا بأعضاء منفكة، انتظرتها حتى أتمت رقصتها.
طا… طا… طا
سمعت المجرمة الشفرة وعرفت مكاني، قدمت لها علبة الكانز:
– تكفي هذه؟
هي من ماركة سفن أب، ذات مواصفات قياسية وخالية من الكحول.
غضبها كان حقيقيًا هذه المرة، قالت:
– تريدني أن أسلمك بطوط حبيبي لتنتقم منه الساحرة بعد أن تضع صديقه ضادو في طبق زجاجي وتعلقه في شجرة، الساحرة التى بحاجة إلى خريطة الكنز الملصقة بكتاب الحكايات، كل ذلك وتمنحني فقط علبة كانز.
قلت يا ئسًا:
– أنا رهن إشارتك يا بطوطة.
لعقت بلسانها، توجهت بنظرتها إلى السوبر ماركت، قالت:
– ساندويتش عسل بالقشدة، وكيس شبسي، وبسكوتة آيس كريم.
ماذا أفعل وهي التي ستمكنني من بطوط إلى أن تفرج الساحرة عن الضفدع ضادو، ويلتقي بطوط بالعم “سلام” الحكيم الذي يقنعه بعدم الهروب والبحث عن حلول لمشاكله بدل العيش في كتاب الحكايات.
طا… طا… طا
لنبدأ العمل إذا بطوطة، أعتقد أنها شفرة مناسبة لاختطاف بطوط، سأرسل عصابتي.
