حين تصل متأخراً

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نهلة عبد السلام

الغفلة.. الثقة الزائدة بما يتطلب تهذيبها.. رد البشر إلى فطرتهم.. عهدهم الأول بالدنيا.. اقتسامها ما بين اثنين.. اثنين صار الغراب ثالثهما منذ ذاك اليوم.. الشيطان زُج به لأجل تخفيف صدمة لقاء مرايا نهاية النفق.. حين الوصول وتزاحم الوجوه.. دهشة تفاصيل يقصونها عليك.. يزعمون أنها خاصتك.. ومتأخراً تدرك أنك لم تكن مدركا.

انتبه.. قف.. احترس.. دوران.. الزم إشارات الطريق التى أهملتها.. تائه يستعين بمثله من التائهين.. وخرائط غالبها الأصفر والأزرق.. ولكى تطأ الأخضر فلابد من قطع صحارى وعبور بحار.. ولولا إدمانك على النظر إلى الخلف لصار الوصول حتمياً.. الوصول قبل جفاف عودك.. هشاشته بعدما توالت الإنكسارات عليه.

الغفلة.. المحبة التى تعطل البصيرة.. ثمة سراب تتمسك به وتصر على الإستناد إليه.. الوقوع.. التهشم.. الجبيرة التى لا تغادرك.. الجبيرة الزاخرة بقلوب وأمنيات.. بنكات وقفشات.. وكلما شارفت على الإفاقة تكفلت بتخديرك مجدداً حتى آلفت التوكأ على عصا.. ثلاثة أرجل ولا بصيرة.. ومحبة خطواتها ثقيلة وبطيئة ووصولها ولو متأخراً يقارب المستحيل.

الأنفاق متهمة زوراً بالعتمة.. أنت من لم تبحث عن زر التشغيل.. ضغطة واحدة فإذا بشمس ساطعة.. النور منوط به رد البصائر.. والبصائر أشد فتكاً بالعلاقات من النووى.. ومن الغفلة إلى التغافل مسيرة شوك وجمر.. وزاد من تنازلات.. ولعنات تصبها على من رماك بقميص يوسف فردك بصيراً.

التغافل.. الثقة المحبة وخواء المعنى يلتهمك.. حروف قُدت من وهم.. نُسجت من خيال.. للاستهلاك اللحظى.. ينتهى الظرف وتنتفى الحاجة فتنتهى.. ومن فزع وحدتك بالجب وصحبتك لغرباء سيارة.. تعاود المحبة خداعك.. تلقى بشباكها.. تتشبث.. تتشبع بك ثم تفلتك.. ومن جب إلى سجن.. تأتى الثقة زاحفة طالبة الصفح.. وفى براح القصر أسباط وأطماع وصواع ملك.. وبقية من حماقة مبكرة.. حماقة أنضجتها ظروف عجاف وحاجة إلى كيل بعير بنيامين.. ووحده التغافل هو ما يحيل الرؤى إلى واقع.

وسنين أسمنتها الغفلة وأنحفتها أخرى من التغافل تحبط محاولاتك للوصول باكراً.. التذبذب فى الوزن واتباع حميات عشوائية.. حميات يحدد سعراتها آخرون.. أى آخرون بخلافك أنت.. هذا بالطبع على اعتبار روحك ضيف شرف حل على جسدك دونما إستئذانهم.. يستنزفك صراع روحك وجسدك.. ما عليك وما لهم.. تشحب تهزل تصمت.. تنسحب.. تستعيد بعض قواك.. تعود.. تزحف تستند تتوكأ.. يبتلعك جب فينتشلك دلو.. يواريك سجن فيحررك حلم.. عمر مُهدر فى تجارب الاختفاء والظهور.. عمر يصفعك بملامح تعكسها مرايا نهاية النفق.. مرايا تمحو من ذاكرتك كل ما قد سبق.. حين تصل متأخراً لا عفو ولا عقوبات مخففة.. أنت ابن لحظة وصولك وفنائك أيضاً.    

مقالات من نفس القسم