حكاية روب الخال

حكاية روب الخال
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

هانى عبد المريد

كان الروب - الذى يرتديه الخال دوما فى الشتاء - صوف سميك، بنى اللون، تتقاطع عليه الخطوط البيج بالطول والعرض، من وسطه يتدلى حبل غليظ مبروم على هيئة ضفيرة..

أرى مثله فقط فى الأفلام القديمة، يرتديه الباشاوات بأنوفهم الشامخة، المرفوعة للسماء، وكأن لا أحد سواهم يمتلك روبا من الصوف..

 

تحمل المجلات القديمة صورا لطه حسين والعقاد يرتدين مثله وربما أقل منه فى الخامة، مما جعلنى أطير من الفرح عندما قال الخال عن قصيدتى العمودية التى كتبتها فى “ريم” إنها جيدة، ولا ينقصها سوى ضبط الوزن..

جعله الروب أمامى فى مصاف العظماء، وكنت كلما رأيته شقيا فى حياته ألعن البلد التى تمص دم بنيها..

الروب لم يكن له مثيل فى العائلة كلها، ففروع الريف بالطبع لم تر مثله، وفروع المدن ربما شاهدت شبيهه فقط من خلف زجاج المحلات الفارهة..

صديق الخال يعمل فى بريمة بشركة بترول، أخذه في بداية الثمانينات من أحد الخبراء الروس، الذى كان يستغنى عن الوزن الزائد قبل رجوعه لبلده، أهداه الصديق للخال عندما لمح فى عينيه بريق الإعجاب..

أصبح الروب مضرب الأمثال فى قريتنا، بعدما شاهده البعض عند زيارتهم للقاهرة، وعادوا ليحكوا عنه فيقول الرجل الذى يصف جلباب اشتراه:

” تقيل ولا روب ولد عبد الواحد “

حتى أن أحد الشباب عندما هرب من البلد بسبب شغل الفلاحة المرهق ، وجاء القاهرة للبحث عن عمل، أرتدي الروب فوق الجلباب ونزل فى فخار يلف على العمارات، التى فى حاجة إلى بواب مخصوص..

هذا الشتاء عندما ذهبت لزيارة الخال، وقفنا نحكى و نصنع الشاى، وجدته يفرش الروب على أرضية المطبخ، بعد أن قامت زوجته بنزع الأكمام والياقة، ليناسب مهمته الجديدة ،عندما صرخت مأخوذا لما حدث..

” فضلنا نفرشوا تحت الواد عشان ميبلش الفرش لحد ماعفن “

قالها وهو يضع السكر فى الأكواب، دون أن ينظر إلىّ.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هانى عبد المريد

قاص وروائى – مصر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص من مجموعة: أساطير الأولين

صدرت مؤخرا عن دار ميريت للنشر – القاهرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم