الكون يتلألأ

ياسمين الغمري
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ياسمين الغمري

اخترقت النجوم عيناه، واستقرت بهما، فأصبح يرى كل ما أمامه لامعًا براقًا. ذات مساء اصطحب نفسه إلى بارٍ عتيقٍ في أحد أحياء وسط البلد الجميلة. وقعت عيناه على حُسن فتاة في ربيعها الثاني، تجلس أمام طاولة خشبية تحتسى وحدها مشروب صنعته أشجار التوت مخصوصًا لها. همست له نفسه بالذهاب إليها فاستجاب لها.

هالة من الضوء التفت حول الفتاة، كل ما حولها نور متلألأ، اقترب كثيرًا من الطاولة، الطاولة أنيقة لا تزال تتمتع بالقوة والسلطة على سائر طاولات البارات.

أمام الطاولة وقف مبتسمًا.

ـ “الطقس يغازلنا اليوم، السماء ترمي لنا كراث ثلج صغيرة، أظن ستكون الحياة سعيدة إذا شاركتيني مسائي هذا”.

أشاحت الفتاة بيدها وقد نال السُّكْرُ منها مبلغه.

نظرت إليه وهي تضع بين شفتاها نوع رديء من السيجار، أخذت نفسًا عميقًا ونفثت الدخان في وجهه وبصوت متقطع تمتمت

ـ أنت شكلك كده سكرت، تلج ايه اللي في أغسطس؟

أخذت نفسًا ثانيًا من السيجار وسألته: الساعة كام؟

تلقى الكلمات في صمت ونظر إلى ساعته

ـ الساعة الحادية عشر والنصف مساءًا، متبقي من الزمن ٣٠ دقيقة ونبدأ عام جديد.

ضحكت منه بشدة ثم انتصبت وأعطته ظهرها وابتعدت عنه وصوتها خلفها “الشرب يعمل أكتر من كده”.

ضم حاجبيه رافعًا كتفيه لأعلى واضعًا يداه في جيوب معطفه الشتوي ثم غادر البار.

الشوارع في عينيه تملأها الزينة والمصابيح وأشجار عيد الميلاد أمام المتاجر والملاهي الليلة والبارات، كل شيء في المدينة على أتم استعداد لاستقبال العام الجديد.

السماء ترمي بكرات الثلج، صوت فيروز في الأرجاء يبعث دفء وابتسامات.

فتح ذراعيه على مداهما ورفع عيناه للسماء، فسقطت كرة ثلج على عينه اليسرى، فالتقت بالنجوم داخلها، وعقدا صداقة معًا واتفقا على العودة إلى السماء مرة أخرى.

تركت النجوم عينه اليسرى واختفت اشجار عيد الميلاد، وحلت مكانها زحام وشجار وصور لسيارات تتقاتل لعبور إشارات المرور بينما ظلت عينه اليمنى ترى الكون يتلألأ.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون