تعشق البحر وسماؤه التى تشكل شجنا وحزنا على عمر فات دون ان تتمكن من اصطياد امنياتها تعلقها على صدرها حين يتفتح وردها .
فى طريقها للبيت ، تحمل ماتيسر من احتياجات المنزل ..العرق يبللها ويجعلها عصبية ، تفكر فى صغيرها الذى تركته مع اخته الكبيرة ذات العشرة اعوام ..بعد ان مات زوجها لاذت بالعزلة والرداء الاسود الذى لا يتغيررغم تبدل الفصول والمواسم ، كأنما تنفى عن نفسها تهمة الاغواء والتحريض التقليدية ، ترتاح للقب المرأة ذات الرداء الاسود وتعتبره حصنا منيعا امام اعناق الرجال المشرئبة لجسد ارملة لم تعرف التجاعيد طريقها اليه ، مازالت خلاياه حية نابضة ..تستعين بالصلاة فى جوف الليل وتغسلها الدموع وهى تتخيل نفسها وقد تورطت رغما عنها .
حينما تخرج من المنزل تتأكد اكثر من مرة انها ارتدت ملابسها كاملة حتى غطاء الرأس تحكمه حول رأسها ولا تسمح لخصلة ان تتطاير بعفوية ، يطارها كابوس العرى فى ليلها ، تظل ترتعش وتبكى وتظن ان الخطيئة تجرى فى دمها وانها يوما ما ستتعرى .
حين تعثرت بحجر بالطريق وسقطت وسط اشيائها ، تحبك الثياب حول جسمها تحاول النهوض غير ان التواء كاحلها جعلها لا تستطيع ..وجدته يمد يده وفى عينيه ابتسامة فطنت انها ابتسامة الاغواء الاولى ..رفضت يده المعلقة بالهواء وعن طيب خاطر تركت جسدها لرجل عجوز يرفعا من تحت ابطيها متشمما عرقها ولفح جسدها ، لم تنتبه اليه كما ينبغى ..مازالت يده معلقة فى الهواء يعرض عليها ان يوصلها الى البيت بسيارته .غمغمت ورفضت وشكرته وسارت تتكأ على يد العجوز الذى استبشر خيرا بها ..لم تحاول ان تلتفت لتلتقط اشياؤها ، يشغلها الآن صراخ صغيرها بعد ان فقدت عبوة اللبن الخاصة به ، يدها دافئة بيد العجوز الذى مال عليها يعرض ان يزورها بين الحين والآخر للاطمئنان عليها بعد ان عرف من هيئتها انها ارملة …شعرت بضغط يده فسحبتها سريعا وتوقفت شامخة تشكره ولم تحاول ان تلتفت للوراء رغم بوق السيارة الزاعق والتى تسير بجوارها .
ـــــــــــــــــــــــــ
* روائية مصرية
خاص الكتابة