سامح محجوب
– لا أكتبُ لأحدٍ
حتى لذلك القابعِ
في الركنِ القصي من العَالمِ
ينتظر قيامةَ الأسماءِ
من الأجداث
وقيامةَ المسيحِ في الناصرة
-لا أكتُبُ لأحدٍ
حتى لمن ينظرون إليَّ
ولا يرونني !
لمن يسمعون صوتي
ولا يميّزون لونَهُ
أو جهتَهُ
أو درجةَ ترددِهِ الحرارية
ولا لمن تحلّقوا حولي
وأنا أذوي كوِرْدٍ
في الذاكرة
-لا أكتُبُ لأحدٍ
وأحتقركم جميعًا
يَتُها الأجسامُ المحشوةُ أحذيةً وصفائح
يَتُها الأقفاصُ الخشبيةُ
يَتُها الأجرامُ الضالةُ
يتُها الأرواح الضامرة
-لو كنتُ اللهَ ليومٍ واحدٍ
لحملتُ الحزنَ عن امرأةٍ
فقدتْ في الحربِ بَنِيها
وملأتُ جماجمَكم ثوَّارًا وغُزاة
وخرجتُ عليَّ
-لو كنتُ اللهَ ليومٍ واحدٍ
لعطَّلتُ العملَ بالتوقيت الصيفيِّ
وجعلتُ الأرض منفًى
لعاشقينِ تركا الحُبَّ
وحدَهُ في القاطرة
-لا أكتُبُ لأحدٍ
وأبصقُ على سيرتي الذاتيةِ
كلما قرأتُ اسمي
وراء لقبٍ زجاجيٍ
أو فوق حجرٍ أعزلٍ
أو بعد قصيدةٍ
لا تقضّ مضجع ملِكٍ
يأخذِ كلَّ سفينةٍ غصبا
قصيدةٍ لم تتسع
لطفلين ناما بلا يدين
تعبثان في الخاطرة
-لا أكتب لأحدٍ
وأعرفكم واحدًا واحدًا !
من يزني بالكلمات ..
ومن تزنى به !
من يعبدُ سيدَهُ على حرفٍ !
من خانَ !
وخانته البلاغةُ
من في الماءِ ..
ومن عليه مشى
ومن ضيّعتُهُ الطريقُ
الماطرة
-لا أكتُبُ لأحدٍ
وأعرف ما تقولونه عني !
ولست نادمًا
إلا على ما لم أقله
يا أولاد الداعرة