محمد الفخراني.. الكاتب الذي يحمل العالم في قلبه ويمضي

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 15
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

نهى محمود

مثل فرشة ألوان بدأت يومها مبكرا ، فرسمت قوسا بألوان الطيف فوق نصف سماء العالم .. تبدو كتابة ذلك المجذوب بالكتابة ، المنذور للحكايات .

هو الذي جمع البحر والسماء والقوارب والخيول وكل ما مر بقلبه وراوغ روحه ، جمع كل ذلك في سلة سحرية من الخوص حتى فاضت جوانبها من الجمال ، وجلس في غابته السحرية ليغزل لنا عالما جديدا ، يبتعد كثيرا عن كل ما يؤلم ويحزن ليغرسنا في المحبة والدفء والكثير من الألم والحزن .

عوالم محمد الفخراني التي تتجسد ، وتستعد للعب فور أن تبدأ في قراءة قصصه منذ مجموعته الأولى " بنت ليل " التي كنت ترى فيها رقة ضعف الأشياء ونماذج البشر والنساء والأطفال ، قصص من لحم ودم لا تفلتها من روحك ابدا .

فتحب الليل الذي يجمع حكاياته  والمطر الذي يعزف ألحانا لأبطاله ويبرأ إنكساراتهم ،  والماء الذي يغسل عابري السبيل والحيارى وأصحاب الليل  .

وتبدا في مجموعته ” قبل أن يعرف البحر اسمه ”  بالإيمان بأن الفرق بين الحقيقي والمتخيل هو ما نصدقه نحن ، وما نرغب في قبوله .

وتصل في لحظة لنسيان كل ما عرفته في كتب العلم ، لتصدق أن الغابة كانت إمرأة تجمع هدايا من العالم لتدخرها لزفاف ابنتها ، وتفكر كثيرا في البنت التي تزيح كل عام ضلعا من جسدها لتفسح مكانا لقلبها الذي يثقل بالذكريات والحزن ، وتفرح لأنك عرفت سر وجود البنات الشقراوات في العالم ، وأن السبب هو أن الصياد الذي احتفظ بالشمس في زجاجة منح البنات خيوطها .

تحب كل ما لديه وما يقدمه بخفة ولغة حلوة ، وخلق أسطوري فتنسي أين كان الحقيقي والمخترع في كل ما تقرأ وتحب فيما يكتب .

تفكر في القيثارة التي نسجها ، وفي الكون الذي يتزوج فيه الخيول من البحر ، وتقع فيه سحابة في هوى قارب .. عند هذه القصة ستترك قطعه من قلبك تذوب مثل كمشة سكر لتضيع في هوى كل ذلك الجمال .

قصة مثل تلك قادرة على أن تفسد عليك متعه مراقبة السحاب قدر ما تبقى من عمرك ، لانك في كل مرة ستنظر للسماء الملبدة بالغيوم ستجد نفسك تتساءل ” ترى أين هي حفيدات السحابة العاشقة التي ربطت شعرها بشريط احمر لتلفت انتباه القارب ! ستفكر فيما تفكر فيه كل سجابة وربما كل موجة وكل نسمة هواء .

سيصبح العالم من حولك عالما آخر ، يمكن لكل شئ فيه أن يقص حكاياته فتقع في الغواية والحب .

انت تتعامل مع كاتب يحول كل ما يمسه قلمه لمحبة ، ويخلق حالة من التناغم تليق بحفل موسيقى كبير .. يقدم موسيقى ملائكية ، يعزفها الليل والنهار وقطاع الطرق والأمهات والطيور والفوضى والشر والخير والصفات كلها وكل ما جاء لعقلك او اختفى لأنه اراد ذلك .

يتحرك بقوة أكثر كلما قدم  للعالم موسيقاه . فمنحنا في قصصة التالية ومجموعته الثالثة ” قصص تلعب مع العالم ” الكثير من التدفق والبراح والحرية التي باتت تتساقط من كل الأشياء .

 ويحب الرجل المتجول ، المراة السيرك دونما حاجة للقاء ، ويجمد الثلج المدينة اعوام ثم يبدا الفرح من الصمت ، والحب من الغياب ، والحنان من البرد

فتزيد الفرشاة والألوان اللعب ، وتحصل كل حكاية على ما تمنت

قصص تلعب مع العالم ، ومحمد الذي يطبق يديه ويفتح قلبه على غواية الحياة فيمنحنا لحنا سحريا يعزف بلا توقف ، و كتابة تبقى كلما نظرنا للسحب في السماء وصمتنا بما يكفي لنسمع همسات العالم وحكاياته .

 

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم