نجلاء علام

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 29
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد جبريل

كان تعرفى إلى نجلاء علام - للمرة الأولى - ناقدة لإبداعات ندوة " المساء".

لاحظت أنها تتكلم فى الوقت الذى تراه مناسباً، بما يضيف إلى الحوار، تنصت جيداً، تتأمل ما قيل: النص الإبداعى ومداخلات الحضور. لطول صمتها تصورت أنها تكتفى بالسماع، لكنها طلبت الكلام.

المغايرة لا تتحقق بمجرد الرأى المخالف، ليست هى الهدف. ثمة وعى بجماليات الإبداع، تجد نجلاء علام مشابهة للقصة أو القصيدة فى موقف فى فيلم سينمائى، أو حوار مسرحى، أو لوحة تشكيلية، أو إفادة من الهارمونى الموسيقى فى تنامى الأحداث.

عرفت أنها طالبة فى كلية التجارة جامعة عين شمس. تفيد من حصيلة معرفية، يسهل تبينها فى ما تثيره من موازنات ومقارنات، وتوقفها عند المفردة، والجملة، وفنية السرد بعامة.

القارئ لا يحصل من العمل الإبداعى على المتعة وحدها، لكنه يحصل – فى الوقت نفسه – على معرفة أعمق وأغنى بالحياة الإنسانية. وعلى حد تعبير إليوت، فإن أعظم فائدة ندين بها للفنان، سواء كان رساماً أم شاعراً أم روائياً أم كاتب قصة قصيرة، هى تأثيره على اتساع دائرة مشاعرنا وتعاطفنا. الفن هو أقرب شيء للحياة، وهو وسيلة لتوسيع حلقة تجاربنا، ولمد لصلاتنا ببنى البشر، خارج حدود حياتنا البشرية .

صارت نجلاء عضواً مهماً فى الندوة، ناقشت، وشاركت بمداخلات، وطرحت وجهات نظر, أضافت إلى أولى ندوات القاهرة، وأشدها تميزاً، وتعبيرها الحقيقى عن إبداعات الأجيال المتوالية ( أولى الندوات فى 1985 )، وعن الاتجاهات الأدبية العربية، واتصالها بثقافات العالم.

قرأت نجلاء – فى الحضور الرابع – قصة قصيرة. لغة السرد تحرص على البساطة، والقدرة على الصياغة، والبعد عن التوشية والجمل الزخرفية.

دفعنى التحمس للقول – بينى وبين نفسى – إنها مبدعة أخطأت الطريق إلى النقد. ثم راجعت ما قلت. المبدع الحقيقى فى داخله ناقد يحسن القراءة، الشخصيات، وتنامى الأحداث، وفنية التناول، والميل إلى التقليدية، أو التجريب. حدثنا همنجواى عن قراءاته، وأن النص قد يحضه على المتابعة، أو العكس. مجرد أسطر يقرأها فى القصة أو الرواية، يتجه بعدها إلى مكان يواصل فيه متعة القراءة، أو يبحث عن نص يضيف إلى وجدانه.

النقد الخلاق لا يتطفل على الأدب، لكنه يمارس فن النقد. الناقد ليس مبدعاً عنّيناً، ولا يعانى جفافاً فى موهبته. إنه يجيد قراءة الفن، يجيد تذوقه وتقييمه وتقويمه. الناقد لا يضمر كرهاً للمبدع – كما يتصور البعض – ولا يحقد عليه. ربما اكتفى المبدع بموهبته. أما الناقد فإنه – لكى يمارس عملية النقد – لابد أن يتسلح بثقافة إبداعية ونقدية، فضلاً عن ثقافة موسوعية مطلقة. لابد للناقد أن يقرأ الكل لكى يناقش الجزء، يقرأ كل ما يستطيع الوصول إليه من روايات ليتناول فى نقده رواية واحدة، وما يستطيع الوصول إليه من مجموعات قصصية ليناقش مجموعة وحيدة. الأمر نفسه بالنسبة للشعر والمسرح وغيرها.

أتابع الحضور الذكى لنجلاء علام فى كتابة القصة القصيرة، وكتابة القصة للأطفال، وفى وسائل الإعلام والندوات، وفيما يصدر لها من كتب، بالإضافة إلى نشاطها الوافر، والمسئول، فى العديد من هيئاتنا الثقافية.

فى حياة المرء صداقات يعتز بها. نجلاء علام مثل للموهبة الجميلة، وللحس الواعى، والمسئول، والمتعاطف، مع مشكلات الإنسان، فى دنياها المصرية، وفى محيط العالم الفسيح.

تحيتى لنجلاء علام.

 عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم