مرزوق الحلبي
إن نجوتم من القصفِ أو قضيتم فيهِ
سيقولون لكم
لم يعد العالمُ معنيًّا بالحقيقة الواحدة،
سيوضحون لكم حتى لا تقعون وأنتم الخارجون من جهنّم،
ضحية سوء فهم:
للناجين من الغازات في حلب
روايتهم عن نجاتهم،
عن مصير الذين قضوا،
عمّا قالوه لحظةً قبل أن يصوّب الطيارُ إلى أعمارهِم.
لطواقم الإنقاذ، أيضاً، ما يقولونه
عن بسمة كانت لا تزال عالقة على وجه الجدِّ
وأمّ أحاطت رضيعها بقلبها فنجا.
وللطيارِ الوسيمِ في قُمرته
قصّة،
فقد رأى العمارة ولم يرَ سكّانها
نفّذ الأمرَ بطيبةِ قلبٍ ومضى
وللمحطة الفضائية وصفها المملّ
لموقع المسلحّين الذي دمّره الطيران
ولمقدّمة الأخبارِ السمجة ما تقولُ
الكلام على فمها كالخناجر
تُعيده اليوم وكلّ يوم،
للمتحدّث الرسمي ما يقوله عنكم لوسائل الإعلام
الأجنبية،
ستسمعون ولا تصدّقون أنفسكم،
عندما يبثّ المراسلون الأجانب كلامه
من أفخم الفنادقِ،
سيطير صوابكم عندما ترون
كيف يلتقطها المساعدون في الحكومات وهيئات الأمم
ويُعيدونها على مسامعكم.
إن أضعتم الأعزّ والأغلى،
إن أضعتم بيوتكم وذكرياتكم،
وأطرافكم
وعيونكم
وقلوبكم
وصبركم
فالعالم متّفقٌ أنه غير معنيٍّ بالحقيقةِ الواحدةِ،
سيُصغي إلى الطيارِ وإلى الذي أصدر له الأوامرَ
وإلى الفضائية والصحفيِ
والمسؤولِ الحكوميِ
عالم،
مولع بالتعدّد،
لا بالضحيّة
ولا بشهادةِ الناجينَ من المحرقة
لو أن لوركا هنا الآن لأطلق النار على قصائده
وبكى!
……………..
(تشرين الثاني 2018)