جَارتُها الهَارِبة مِن فِكرة الحُب ، تَكتُبُ عَلى بَاب مَعهد تَعلّم اللغات قَائِمة طَويِلة مِن الرَغبات وَتُومِيءُ لَها : الغروب لايعني شيء .
اليوم شاهدتْ البُحيرة و الضَباب من النافذة ، لأنَّ الوقت مُمّل وَهي بِصَدد دَفن حَياتها قِطعة قِطعة بِجانب الشجرة العالية أوْ في مَمّر التدخين العُمومي.
تُحَرِّكُ نِصفُها الأيِسر ، وتَعتَقِد بأنّ الحُب مُمكِن ، لكنَّ القارات بِتسارعِ شُعُوبها جَعلها تَحلمُ في الليل بِطابق عُلوِّي يَنهارُ فَجأة عَلى فِكرة تَخُص الحَقيقة المَزعومة ، وبِذلك استَقرّتْ على أنْ تَظل رُوحها تَغلي دُونَ تَوُّقُفٍ .
فِي الشتاءِ, تَجعلُ صَفَّا طَوِيلاً مِن المَبَانِي المُجَاوِرة يَتَجَوُّلُ مَعها فِي نَفس اللحظةِ التِي يُهاجِمها الحَنِين لِأرواحٍ تَمضغُ أرواحاً . تَصنعُ قلباً بِمَسندٍ طَويلٍ وتَربطهُ بِجَريرٍ فِي عَاصفةٍ قٌطبية ٍثمّ تَعودُ تُحرّك آنيةً على الطاولة وَمِشجب خَشب قَديم .
فِي الخارج ، تُمْطِرُ ، حَيثُ لا أَحد يَظهر فِي النَافذة مِن بَعيد , ويُلوّح لِمارة يَحمِلُون أمتِعةً قَديمة ثمّ يَتَوّارُونَ فِي شَارعٍ جانبيٍّ .
اليوم هَاتَفَتْ غَريقاً فِي القَرن الرابع عَشر، ورأتْ بَعد مُنتَصف اللّيل عَلامَاتٍ عَلى الحَائطِ ، فكّرتْ فِي أنّها إشَارة بأنَّ البيت مَسكورةٍ رُوحه.
وفِي الشُعور بِالوحدةِ ، جَعلت يَديِها نَهاراً ثُمّ مرَّرَتْ شمساً عَلى شاطيء كاملٍ وسَحبت أجهزةَ ضوءٍ على حوائطٍ قديمةٍ تَمشي في ظِلالها أصواتٌ وكلماتٌ , وأناسٌ يَفِرّونَ جَماعات جماعات ، كُلّ ذَلك تَزامَن مَع قافلةٍ وسِربَيِن مِن طيُور شَعَرت باِلتَعب .
فتَحت بَاب البيت وَهي تَشعُر بالكمِية الهَائلة مِن المَاضي ، فَنادت على القِطة التي أشترتها خِصيصاً كيْ تُجرّب كَيف يُحب الأنسان القِطط .
وقَفتْ فِي الصالة الصَغيرة ، وأدارتْ أُغنيةَ رُوك ثُمَّ شَرَعتْ فِي الرقص ، لَكنْ بَعد خَطواتٍ صَغيرةٍ ، سَرَتْ فِي جَسدها حَرارةً غَريبة ، ورغبة فِي أنْ تتحرّكْ على شَكل دَوائِر مُتصلة ، ثُم بَدأتْ فِي عَمَل خَطَواتٍ غنّتْ خِلالَها ، وتُفَكّرُ كَيف تَستَطيعُ إشْعالَ روح ٍباردةٍ فِي مَمّر الثّلج الطَويِل .