ريهام عزيز الدين
علمتني السيجارة الأولي الانكفاء علي خوفي
الآن أبدو أكثر استعداداً لمواجهة العالم
انتهيت للتو من تمارين القسوة
يمكنني أن أنظر للخوف في العين مباشرة
أشده من شعره الأسود الطويل
ألف خصلاته العالقة بحنجرتي
أتلذذ بتعذيبه ببطء
بينما أنظر إليه بعينين باردتين.
**
علمتني السيجارة الأولي العبور
فما بقيتُ معلقة بين عالمين
الجسر الذي أمضيت عمراً أقطعه
جيئة و ذهاباً
تساقط
حاملاً بعضاً من قدمي
التي ظننت يوماً أنهما راسختان
كجذر شجرة أحملها وشماً فوق ظهري.
**
علمتني السيجارة الأولى
أن أراقب البطء
كنقاط محلول ملحي تتساقط في أوردة ضيقة
لرجل سبعيني عجزت أن أقرضه رغبتي في الحياة
أراقب المحاولة الأولي في الفشل
الشفتان موضوعتان على المبسم
تقضمان تفاحة الغواية
امتلاء الفم بخيبة
تنتهي بسعال
يشي بسرقة الحلوي لطفلة في الثامنة.
**
النَفَس المسافر بداخلي
يرتطم بمحاولات لثم الحياة
ابتلاعها علي عجل
وتقيؤها أيضا بنفس ذات الخديعة
دون أن أسمح لها أن تخترقني بالكلية
الخوف أن يحترق حلقي
الخداع الطفولي بإنقاذ العالم
أحبه قليلاً
وأحب أكثر احتراق شفتي بالغواية.
**
الرغبة الأخيرة لمحاولة التأكد من إمكانية الحياة
بالاحتراق الكلي
ومراقبة
الرماد الذي يتكوم في المنفضة
ببطء
التأرجح بين دخان أرسم به دوائر
يمكنني الآن أن أطلق سراحها
وقبول الخسارة
فما يتبقي منها
رماد
سأفرغه لاحقاً في مكبٍ أكبر
حين تنتهي السيجارة الأولي
سأتأكد من محو آثارالغواية
لأبدو طفلة تفوح منها رائحة الديتول
سأعيد تكرار أناشيد البراءة في أذن أمي
كي تقر عينها
أراقبني وانا أخطو فوق متاريس صوتها بداخلي
تنتهي
السيجارة
وانتهي
وأعلم أني
أقبض علي الريح
وأني أحترق ببطء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة مصرية