البهاء حسين
تربيتُ فى حِجر امرأة
فى بيتٍ أشبه بامرأة
وكانت صديقاتُ أمى يتحرشن بى
يحاولن، كل يوم، نزع سروالى
على مرأى من القرية
وحين أتشبثُ به يضحكن من خجلى
لكنّ جسدى كان يأخذ مزاحهن
على سبيل الجد
مع كل ضحكةٍ يكبر
:
حين تعبث بطفولتك امرأة
تعرف جسدَك قبل الأوان
،،
ليس سهلاً أن تكون يتيم الأب
لكنّ يُتمَ الجسد أصعب
،،
أسمع، الآن، صدى جسدى
أملأ به وحدتي الفارغة
أتذكر حبيباتى
الصوتَ الذى تُصدره الشفاه
أثناءَ القبلة
لكنّ الحبّ شىء لا يمكنك اجتراره
لا يتقد الرمادُ، مرة أخرى
لا ينقذ نفسَه، ليست لديه ذكرى يحييها
لا تكفّ الرغباتُ عن الركض فى الجسد
لا تكفّ طفولتى عن الركض فى أرجائى
،،
عرفتُ جسدى من طفلةٍ
كأننى ولدتُ منها
:
لا يعرف طفلانِ، فى السادسة من العمر، يقعدان على التراب بأرجل مفتوحة
سوى العناق بباطن القدمين
بعد التعرى
بعد أن تصنع الأرجل مثلثين يلتقيان عند القاعدة
لا يعرف طفلانِ الخطوة التالية للحب
رغم ذلك
من وقتها، منذ 50 عاماً، وأنا أجرى
وراء جسدى
ويجرى ورائى
حتى إننى أعوى، كلما أردتُ أن أتكلم
:
ما فائدةُ الحب إن لم تعوِ
،،
يا إلهى
ما الوقتُ المناسب، ليعرف الإنسان جسدَه
نفسَه
من أى بابٍ يدخل
،،
من قال إن الأطفال أبرياء
أجسادهم، على الأقل
ليست بريئة
،،
أيها الماضى
يا أبى
يا بيتنا الهش كأرملة
أيها الباب الذى كانت شقوقه تتسع لأصابعى
يا أبناء الرغبات
يا أختى التى ماتت مقتولة
يا الله
كيف هو الجسد فى القبر
هل يأكل الدودُ ذكرياتنا أيضاً
تلك التى حوشناها بعرق السنين
:
يا لفرحتى التى لم تكتمل
إذ ضبطتنى أختى
ضبطتْ نصفىَ العارى متلبساً بالحب
وابتزتنى فى آلاف المشاوير أقضيها نيابة عنها
كى لا تخبر أمى
يا للخوف
وأنا أضع إصبعى فى المنطقة الحساسة لإحداهن
وإذا بالمَدْرسة تردّد صدى إصبعى
أو حين كبرتُ
حين صرتُ مراهقاً وقبّلتُ زوجة قريب لنا، تشبه جنيفر لوبيز
تشبه بيتاً من طين
على نهرٍ
تحت شجرة
بيتاً عامراً بالطراوة
قلت: لا بد أن المرأة فى غياب زوجها تحتاج إلى قبلة
لا بد أن ثديها قد ملّ من ابنتها الرضيعة، ويحتاج إلى فم آخر
يا للخوف
حين تنكرتُ فى ملابس أمى
وذهبتُ إلى فتاةٍ جميلة، كى أضمها إلى صدرى بحرية
كما تفعل النساء، عند السلام
يا للرغبات التى تطنّ طوال العمر
يا للروح التى تلعب دور منشةٍ بائسة
يا للجسد
يا للتجربة
يا للباب الضيق الذى تدخله، ولا يمكنك أن تخرج منه
يا لهذه القصيدة التى كتبتها عنى
وحين انتهيتُ منها وجدتُها عن أمى
على كلٍ
لا فرق
فأنا، فى الحقيقة ، أمى
جلبابها الأسود
رجلها التى تخطو الآن بسرعة نحو القبر
لذلك أفكر فى موتها الوشيك
فى طريقة أمنع بها الدود عن أمى
عنى
عن ذكرياتنا التى فى القلب .