حسان الجودي
يعيش الروبوت rro فوق قمة جبل من الألمنيوم. صنع لنفسه بيتاً زجاجياً حصيناً يقيه من ارتطامات الشهب والنيازك. واستطاع أيضاً من خلاله أن يتسلى بمراقبة الغابات والأنهار. شعر بالوحدة ذات صباح. ولم يعد يجد متعة في عدّ الظباء والذئاب والدببة وجحور النمل وأعشاش النحل.
فقرر الخروج من منزله ، لاستكشاف المناطق البعيدة.
كان الروبوت ضخماً ، ارتجت حجارة الجبل لخطواته، وفزعت الطيور، وهربت جميع الحيوانات. جلس حزيناً على جرف منحدر صخري سامق ، وفكر بالانتحار. لكنه كان مبرمجاً على عدم فعل ذلك، فلم يستطع تنفيذ رغبته. ففكر بصنع روبوت آخر يكون له رفيقاً.
اكتشف rro في برمجته القدرة على ذلك. فشرع لتوه في استخلاص المواد الأولية من صخور الجبل. حصل على الحديد والألمنيوم والنحاس والذهب بسهولة، أما السيلكا الضرورية لصناعة الدارات الدقيقة، فقد اضطرته إلى الهبوط من الجبل للبحث عنها في رمال بعض الصحارى.
وجد rro أمامه مساحات في الصحارى غير محدودة، ففكر بصناعة مئات من الروبوتات وبناء مدينة لهم ، يحكمها شخصياً ويستطيع بذلك شغل نفسه عن التفكير بالأسئلة الصعبة.
كانت كل الموارد الطبيعية متاحة له. وكان ذكاؤه البرمجي خارقاً، فأنشأ مصنعاً للروبوتات خلال بضعة أيام، واستطاع إنتاج آلاف من سكان مدينة الروبوتات خلال شهر واحد.
ابتنى لنفسه قصراً في وسط المدينة، وبرمج سكانها على زيارته كل يوم للحديث والتسلية واللهو والمرح.
انتبه rro بعد فترة زمنية قصيرة إلى مشكلة تقنية تحدث لدى بعض الروبوتات. فقد توقف الشاحن الذاتي عن العمل، ونفدت طاقتها، فسقطت ميتة دون حراك.
لم يحاول rro إصلاح المشكلة التقنية. بل صمم روبوتات أخرى تستطيع صناعة المزيد من الروبوتات .
وهكذا ضمن لنفسه التسلية لوقت طويل. لكنه بدأ يلاحظ تناقص أعداد زواره باضطراد، وعاد شعور الملل الشديد يراوده. ولم يفهم سبب انصراف الروبوتات عنه . فأعلن من قبيل التسلية عن مسابقة برمجية لتصميم روبوتات لا تعصي الأوامر مطلقاً. وكانت جائزتها الحرية المطلقة والعتق من نظام الروبوتات.
فاز بالمسابقة الروبوت الحكيم ask ، الذي أخبر الروبوت rro:
– هل تريد روبوتات مطيعة إلى الأبد؟ ارفع عنها الموت إذاً.
– لم أفهم!
– اجعلها خالدة، وسوف تكون طوع بنانك. سوف تأتيك زرافات طالبة رضاك وطالبة منك موتها. فالخلود هو العقوبة.
تدبر rro الأمر جيداً، وأسرع إلى استبدال الشواحن التالفة . وصار لكل روبوت شاحن وحياة لا تنفد.
وصار الموت محبباً، بعد أن كان مكروهاً. وعادت الهيبة إلى rro الذي صار يستقبل طلبات الموت كل يوم وينفذها برحابة صدر.