حكاية ـ كلود استيبان

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 134
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ترجمة: رولا عبد السلام*

 الآن أرجعُ
إلى بدايةِ كلِّ شَيء
كأنَّهُ محتومٌ عَلي
أن أتَجاوَزَ الصَّمتَ مَرةً أُخرى.

تَبدأُ الضَوضاءُ في رأسي
كَبقايا حُلُمٍ قَديم
لَم أجسُر على انتِزَاعِهِ مِن دَاخِلي
وصُراخٍ يَتَوَعدُني
هُناكَ عَلى الطَريق
وصُخورٍ مُلَطّخةٍ بالدِمَاء,
شديدٌ هذا العَناء
كَي أعبُرَ البَحر.

أُعَاندُ الصَبَاح حِينَ يَأتي
ليَجَرَحَ عَينِي,
أنا هُنا
أَنا لَم أعُد هُنا
و تَترَاكمُ الدقائقُ عَلى مُحيطِ الأشيَاء
تُدينُ أحجَامَها.

حريٌ بِي أن أُسرِع
لكِن كَيْف
و أنا لا أجِدُ كَلِمَةً للبِدَايَةِ
أو بَأساً كَي أَتَلَفَّظَ بِها
بِأيةِ لُغِةٍ
أو في فَجوةٍ بَينَ مَجَازَينِ مُعتَادَين

أسْخَطُ
أرتَمِي للوَرَاء
و بَينَ أسنَانِي مُفردةٌ مَجهُولَةٌ
هي وَحَدهَا مَن سَتُقَرِّر,
أعُودُ مُرتَجِفاً
مُتَلَعثِماً
وأشتَهِي أن يَمُوتَ
مَن سبَّبَ لي هذا الأذَى
بِفَمِهِ الأبكَم
وأفكَارِهِ الجَوفَاء.
أنَا من أنَا
أنَا الآخرُ
وأريدُ أحَداً ليُنجِدَني
ويُطمئنَني
و يُخبرَني أنَّ الوقُوفَ مَازَالَ مُمكِناً
و أنَّ الأرْضَ ثَابِتةٌ تَحتَ قَدَماي
و أنَّ هُنَاكَ دَلالةٌ لِمَا يَقُول .

أُحَاوِلُ بشَتى الطُرُق ,
أَتَشَبَّثُ بِأوَلِ شَيءٍ يَأتِي
أتَذَكَّرُ أَنَّ لَهُ اسمَاً
وأَنَّ هَذا الاسمَ قَد يَنجُو مِن كَارِثَةِ الاختِفَاء,
أنتَظِرهُ أن يهوي
كَصَخرَةٍ
كَشَمسٍ مُصَغَّرَة
فِي الفَرَاغِ الذي أَنغَمسُ فِيه,
أُوقنُ أَنَّه إِنْ بَقَى
وإنْ استَطَعتُ أَنْ استَأثِرَ بِه
سَيَستَدعِي مَعَهُ كُلَّ شَيْء.

رُبَّمَا تَكُونُ الكَلِمَةُ
نَمْلة ,
ويُعَادُ تَكوِينُ المَشهَدِ بِرُمَّتِهِ
حَوُلَ صِغَرِهَا
وجُهدِها اللامُنتَهي
كي تحملَ قَشَّةً على ظَهرِها.

و قَد تكُون الكلِمَةُ
سيفَ الغراب**,
وحَدُّ مَقطَعِها الأَوَل
يَشُقُّ الهَوَاء
باستِقَامتِهِ البَنَفسَجِيّة .

عَلى أيَّةِ حالٍ
لَيسَ لي أَنْ أَختَار
فأنَا لا أملِكُ شَيئَاً
سِوى أَنَّنِي
خَادِمٌ غَيرُ مُخلِصٍ للَّحظَة,
و أَرجُو أَنْ أحظَى بِمَجدٍ
كأَنْ تُبَادِلَنِي نَظرَةً
أَو إيمَاءَة,
فأنَا لا يَكفينِي أَنْ أَظَلَّ وَاقِفَاً هَكَذا
بَينَ انحِسَارِ اللَّحظَةِ
ولانِهَائِيَتِها.

قَد يَتَمَرَّدُ بِلا شَك
مَن هُوَ أَقَلُ كِبرِيَاءاً مِنِّي,
و أَرغَبُ أَحيَانَاً أَنْ أَفعَلَ مِثلَهُ,
لَكِنَّنِي أَفتَخِرُ أَيضَاً
بانحِنَاءَتِي عَلَى الأَرض
ووَلَائِي لِما يُهَيمِنُ عَلَي,
فَحَرِيٌ بِي
أَنْ أُفسِحَ لِلأَلَمِ مُتَّسَعَاً
يَلُوذُ بِه,
وأَنْ تَصِفَهُ كَلِمَاتِي,
لَكِنَّهَا تُنكِرُه,
لا تَعرِفُه,
أنَا أَعرِفُه
وأَنسَى ما أَعرِف,
أنقَسِمُ فِي دَاخِلِي,
أَرغَبُ في اللامَعقُول,
كَأَنْ تَحمِلَنِي عِبَارَةٌ لَم أَختَرها
إلى صَمتٍ
كَصَمتِ النُجُومِ والأشجَار.

أَنتَظِرُ عَلى عَتَبَةِ البَاب,
أستَأنِسُ بِدَقَّاتِ قَلبِي,
بِتَعَبِي,
أَملُكُ الوَقتَ,
لا أَملُكُ الوَقتَ,
وتَلتَحِمُ النِهَايَات.
ويَأتِي اليَومُ المَهِيب
يَومُ النِهايةِ,
تَغدُو السَّاعَاتُ ثَقِيلةً
و يَصِيرُ عِطرُ الوَردَةِ قَاسِياً,
و حَبَّةُ القَمحِ
يَصِيرُ صَفَارُهَا لاذِعَاً.

أَنْهَزِمُ,
و أنتَسِبُ إلى شُطئَانِ مَملَكَةٍ
لَم تَعُد كَلِمَاتُهَا
تَنتَمِي إلَي.
…………….

مترجمة مصرية
سيف الغراب : زهرة ملونة رقيقة الجمال 

مقالات من نفس القسم