هشاشتها تعطينى مساحة وفيرة من الإحساس بالانتصار الآتى، أخرج من جيبي قلم حاد ذو سنٍ خارقة كنت قد إدخرته لتدوين ملاحظات الرحلة و كتابة اليوميات التى تيقنت فى النهاية أنها غير ذات جدوى حيث تتشابه الأيام، فماذا لدى المرء ليكتبه عندما يسير فى صحراء مجدبة..لا زرع و لا ماء و لا إنسان، لا شىء غير الأرض السمنية و الحشرات النافقة و الأتربة الناعمة و بروز أسود لأشكالٍ متكررة بإنتظام، تموت الحشرة مخلفة دماءً صفراء مشوبة بلونٍ أحمر خافت، و عندما أكمل السير أعلم أنه مر من هنا آخرون، بقايا عظامٍ بشرية و أقلام مبعثرة هنا و هناك، يقابلنى بروز أسود نصف دائرى و بداخله نقطة سوداء أيضاً و كبيرة، تلتصق قدمى فى لزوجته الإسفلتية القديمة الواهنة من أثر الشمس الصيفية، أدور فى نصف الدائرة دورات متكررة و أكوم ملابسي على النقطة الكبيرة ثم أضع رأسي فى إغفاءةٍ قصيرة و عندما أستيقظ ينقلب الجزء الغربي من الأرض فوق رأسى، لأعلم أن القارئ الكسلان أنهى صفحته اللعينة و دفننى فى حرف النون.
هلاوس
أستيقظ غالباً فى المساء، السابعة أو السابعة و النصف و خمس دقائق تحديداً، تبدأ الشمس فى المغيب راسمةً حول دائرتها الكبيرة ألوان بنفسجية و حمراء و برتقالية ، تحتضنها سماء فقدت عذريتها الزرقاء، فى الطابق الأرضى أرسم الصليب فوق صدرى و فى الهواء، و أقرأ المعوذتين و أتصفح سفر نشيد الإنشاد و مزامير داوود من النسخة القديمة التى فى حوزتي للعهد القديم و أقرأ عن جماعة الصليب الوردى ممنياً نفسى فى الإنضمام إليها فى يومٍ من الأيام، أفتح كتاب صبح الأعشى فى صناعة الإنشا بصفحاته البنية لأشم رائحته فقط كإبتداء لطقس مسائىّ، أغلقه و أضعه على مكتبى البنى الذى يرتكن لحوائط بنية أيضاً تتسحب عليها سيراً و طيراناً حشراتٍ بنية غير صالحةٍ للمضغ، أخرج سيجارتى البنية، أشعلها لينساب الدخان الأزق مشكلاً هارمونية محببة إلى نفسى، حيث إمتزاج البنى و الأزرق يضعنى فى حالة نومٍ تتمشى بها أحلام ربما لا تكون وردية على الإطلاق، رغم فرجتى شبه الدائمة و المتكررة على مدار اليوم على راقصى الباليه، لكنى لم أكتسب مهارتهم فى القفز بعد، لم أكتسب غير بضع حركات تعطى لقدمى حرية الطيران فى فضاء الغرفة و التنقل من جدار إلى جدار مسقطاً الكثير و الكثير من قشور الطلاء التى ملأت الحجرة بفعل الرطوبة و إستمرارية القفز عليها، أحياناً لا تسقط القشور و إنما تلتصق فى شبه طبقة عجينية نتيجة لإمتزاجها بقطرات العرق الصاخبة التى تتصبب من أقدامى العارية، …أفتح الشباك المطل على الشارع أراقب المؤخرات و الصدور النافرة للجارات المهتمات بتنظيف الملابس الخارجية و الداخليه لهن و لأخواتهن أو لأزواجهن، أدخل لأجلس امام الكومبيوتر لأحصل على قسطى اليومى من الأفلام القديمة الشاحبة الألوان، دائماً يكون الليل المكون الأساسى لخلفيات أحداثها، لا تظهر الشمس إلا قليلاً، هل كان أنور لديه القدرة على المضاجعة قبل موته؟ فأشبع جيهان حتى تبكى عليه بحرقةٍ حقيقية
يا من يرى مدّ البعوض جناحها؟، يا من يرى؟..يا من يرىىىىىى؟، أنا أرى أيضاً، تشوهات خلقية فى الرحم لا تعطيها الفرصة على الإنجاب فتعطينى نفسها فى لحظة ضعفٍ متنكرة فى شهوة لا تقدر على وأد حيثياتها المرتقبة قبل إنبعاثها، بسرعة..بسرعة..و أنظر من النافذة المضيئة بالإخضرار لأرى السماء تمطر بطيخاً و ضفادع ضخمة فى عز الصيف، أرجع إلى الكمبيوتر، هاى بيبى، كيف يكون الطقس عندكم الآن؟، وااااااو، لم أكن أعلم أن السماء عندكم لديها لحوم بهذه الوفرة، إشكرى السماء جيداً، ……أفلامٌ كثيرة تلعب فى رأسى و تنفذ إلى حواسى تعمل منها عجينة لينة ليومٍ جديد، لدى قدرة فائقة للإستقبال و التخزين المرهف للذاكرة الحساسة تجاه أى تأثيرات لونية و بصرية، و خزائنى ملأى بأشياء كثيرة، أحذية و قباقيب و أوجه ملتحية و عنّات حليقة الشعر و أفلام أمريكية و أوروبية و أحياناً عربية حيث أنها ليست بهذه الجودة فى تحفيذ العقل على إفراز الخيال لحياةٍ أخرى ألوذ بها من إختناقى بحرارة الواقع المؤلم و الوجود العبثى، كل هذه الأشياء تتصارع بداخلى لتنتج قاذورات جميلة ذات ألوان صاخبة و حلوة الطعم أقتات عليها و عندما أنتهى ألقى ما يفيض فى بالوعة المرحاض و أسكب عليه الماء.
قضيب متفسخ
الإحساس الفيزيقى بالجسد لا يكتمل عندى إلا بتمزيقه، حركات عنيفة، رقص، العدو المنتظم و بسرعة ذهاباً و إياباً فى حجرة صغيرة و ضيقة محكمة النوافذ، قليلة الهواء، شهيق ..زفير.. زفير شهيق..عرق متصبب، قَفْز فى الهواء و فى النهاية و أنا مبلل بعرقى أعطى لهذه القطعة من اللحم المنتصبة بخيال لديه القدرة على توزيع لقطاته فى أماكن و أزمان مختلفة فى نفس الوقت، تجرى بسرعة مشاهد مقززة- لا أحسبها فى تلك اللحظة مقززة- لفتحات سديمية لمجرة أو لثقب أسود يكتنفه الغيب بسلطته المطلقة، بقدرته اللا منتهية على الشفط و الإيلاج لأى كائنات أو أشياء مارّة صدفةً
فى الطريق إلى الأورجازم تنتابنى إنفعالات شتى كاللذة أو كالتقزز المشوب باللذة و أجد أنفاسى ساخنة و الصهد يرمى بثقله فوق صدرى، رائحة العرق نفّاذة و النساء الكثيرات حولى يتأوهن من فعل اللذة أو على الأصح لإيهامى بقدرتى على مساعدتهن فى الوصول إلى حافة الخلاص النهائى فى ميكانيكية بغيضة تستهوى الإيهام بقدر ما تشعرنى بحقيقية وجودى، يقمن و يقعدن و لا يشعرن بأى ألم غير الألم الذى تركنه يتربص بى فى كل عشيةٍ و ضحاها و عندما انام أفقد جسدى لأجدهن من وطأة الإتصال فى حيز اليقظة يتنمرن على أكتفافى فى وقت النوم، و أهرب منهن مستيقظاً فاعلا بنفسى ندوباً حمراء مدماة تتحول لقرمزية بفعل الزمن.
لم تكن لدى القدرة أبدأ على التملص من آلام الجسد، لأنها هنا منذ مولدى تستكين كنقش أبدى بماء النار لا يمحوه إلا الفناء.