عارف عبد الرحمن
1
الذاكرة متعبة، والحقائبُ لا تحملُ أشياءَها،
بل رائحةَ الذين لم يودّعوا أحدًا.
رحلوا بصمت وعيونهم مفتوحة
إلى غدٍ لا يَأتِ أبدًا.
بقيتُ وجسدي
نبحث في محاولات الوصول
إلى أصواتِ الذاكرةِ،
كأنّنا نحفرُ في أخدودِ الحنين.
مدنٌ تشبهُ الخيال.
يداي تعلَّقتا بالماضي
ونسيتُ حاضرَها، ونسيتُ بدَوْري طريقَ ذاكرةٍ،
كأنّني أُعيدُ صياغةَ الغيابِ
بلغةٍ لا تعرفُ الفعل.
الجهاتُ تتبدّل وتأخذ شكلَ الدائرةِ.
القصيدةُ تهاجرُ من حروفها.
كلُّ خطوةٍ تنسى ما قبلها،
الليلُ يجرّه ضوءٌ لم يكتمل.
كأنّه يتدرّبُ على الوداع.
2
ماذا بقى في الذاكرةِ؟
هل الوطنُ؟
أم مسافرٌ اختبأ في حقيبتهِ؟
هل الوطنُ مكانُ ولادةٍ،
أم قصةُ حبٍّ، أم وجوهٌ
عاشت في ذاكرةٍ ماضيةٍ؟
أحملُ وجهي كمسوّدةِ ورقٍ تالفٍ.
أحاول ترميمَ الضوءِ،
الذي بدا يخبو بداخلي.
أحطِّمُ الوقتَ في صدري،
لن أدع مواسمَ الحبِّ تهرب مني.
لن أسمحَ للغاتٍ جديدةٍ أن تتسلقني
أو تخرجَ من فمي.
لن أهاجرَ من صمتٍ إلى آخرٍ.
ما زالت قصيدتي هنا، ولم تُجهَضْ نفسها بعدُ.
كلُّ ما في الأمرِ كنتُ
خطأً في ذاكرةِ المكانِ.
3
أنا اسمٌ ينسى نغمتَهُ،
يتعلّم أن يكونَ وجودًا.
أكتبُ ذاتي كلَّ يومٍ كي لا أنسى،
وأمحو النسيانَ لأتأكَّدَ أنَّ ما بقي فيّ
هو ما لم يرحَلْ بعدُ.





