كل شيء أمامك لم يتغير، الغرفة المربعة ذات الطلاء الأبيض، الستائر الأرجوانية التى تحجب نور الشمس، سريرك الكبير الذى تجلس فى منتصفه تماما وحيدا، شعرك الذى تفوح منه رائحة الفاكهة بفعل البلسم المرطب الذى اعتدت ان تشتريه من هناك أو من هنا. أنت الغريب الذى يتنفس هواء صارات رائحته تميل إلى العفن ولا تدرى إن كانت بسبب رطوبة الجو أم روحك هى التى اصابها العطب؟
ذات أمل..حملت تأشيرة حريتك، هاجرت مع المهجرين، وكشرطى أمين فتشت ملابس القادمين وما فتشت نفوسهم. شاب إحساسك نفور من بعضهم واوحى لك الإله محبة لعضهم.
ذات فرحة..عدت مع العائدين إلى غرفتك تحمل ملابس العيد منتظرا الفجر لكى ترتديها.
ذات خيبة..استيقظت ولم يأت الفجر، وعلمت أنك وأصحابك من المطاريد غير مسموح لكم بالمرور عبر بوابة الوطن. بكاؤك لم يعد له ثمن ولا عرقك ولا دماؤك. هل تعلمت الدرس إذا؟ لا يمنحنا الوطن تأشيرة مجانية للحياة فيه, لابد للروح أن تصير هشة وقابلة للكسر, لابد أن نعيش غرباء, نلهث خلف شربة حرية ولقمة عدل. لست محظوظا بما يكفى لترحل مع الصاعدين نحو البراح..عليك أن تنتظر وفقط.
ذات جنون..لم تعد تدرك اللحظة..ستقبض على نفسك وقد صارت كل الاسئلة داخلك إعصارا..هل أنت الغريب داخل الوطن أم خارجه؟