إرهاصات حكيْ الحقيقة..

إرهاصات حكيْ الحقيقة..
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

رانيا منصور

صحوتُ ممتلئة بالرغبة في الكتابة

عني/

عن حياةٍ عشتُها وتقاسمتها مع أهلي/

عمّن أحببتُ وتركوني/

عمّن أحبوني وتركتهم

عن حبيبٍ لا تركتُه ولا تركني

عن أبي الشيخ

عن أمي النور

عن أخي في مراهقته وسحره

عمن أحبوه

عمن أحبهنّ

عن أختي الصغيرة

الكبيرة

عن خطيئاتي

عن هفواتي

عن قلبي الذي ضاق بالنور فأظلم

عن الظلام الذي ضاق بقلبي

فطرحه في النور

عن الأطباء النفسيين

عن مرض السكريّ

عن زفافي

عن الزملاء المتحرشين ببراءتي

عن إخوتي الذين أنكرتهم السماء

 لكنني أكدتهم بنبضةٍ وابتسامة

عن مكالمات الهاتف البذيئة التي تردني كل حين

 

أريد أن أفرغ صدري من الذكريات

كما فرغ من اشياء كثيرة

كي لا أفكر في صباح كل يوم

بعد كابوس كل يوم

فيما فعله أبي

وما تفعله أمي

عن أن عليّ أن أقوم بكذا

وأنتهي عن كذا

أريد أن أغسل شعري الكثيف من التواريخ

أريد أن أنسى عيد ميلادي الثاني والثلاثين

أريد أن أكتب عن مساوئ أمي بقدر ما كتبتُ عن حلاوتها

عن مكائدها

ومكرها

ولومها القاتل

عن إرهاقي حين يقتلني سؤالها

عن إلحاحها في السؤال

عن سخريتها الدائمة

عن ركبتيّ الكامنتين في الغيب

ويديّ السابحتين في الهواء

عن أخي الذي لم أعد أعرفه

وأختي التي توارتْ خلف البحر الأحمر

عن اختلافنا نحن الثلاثة عمن جاؤوا بنا

عن خلافات الكبار

عن صراخي في وجه أبي حين يغضب

عن بطشه

عن حنانه

عن عينيه المريضتين

عن إغلاقي الهاتف كي لا ارد على أحد منهم

 

أريد أن أتفرغ من كل شيء

أكتب مذكرات مراهقتي

عن يوم أكلت الحلاوة والفلفل الحار كي أسخن

فتضغط أمي على رأسي وتقول سلامتك

عن رغبتي في تسول حنانها الذي لا أراه إلا في المرض

عن أولادي الذين يمسكون بذيل جلبابي ويجذبونني

فأنجذب بـ “مزاجي”

عن ابنتي التي تذكّرني بي

عن وجعي عليها وهي تشبهني

أكتب عن طفولة لا أذكرها فأكذب

وأعلل كذبي بالأدب

 

أريد أن أكذب..

تُراهم سيسامحونني لو كتبتُ عنهم وعنّي

هكذا

بلا تاستعاراتٍ تغطيهم؟

ولا تغطيني؟

 

تراني أستطيع العيش حقيقية هكذا

بلا ألوان على وجهي

ولا كحلٍ داخل جفنيّ؟

ولا ضحكةٍ خائبة أخبئها “للظروف”

هل أتخلى عن قسماتي الطيبة

وأفرغ ما في جوفي من أسرار

هل أحكي عنهم للخلاص منهم..

للخلاص اللا نهائي

لسلامٍ داخلي

لرغبةٍ خياليةٍ في الحياة بلا ذكرى

للحياة بلا حياة

أم لموت معقوف

هل سأحكي ما يجعلني أبدو ضحيةً لكل شيء

أم سأروي كل شيء؟

 

أكتب

 

لأرى..

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم