نورا عثمان
(رُوحُ الورد)
كنتُ في نومٍ، وفي حُلمٍ،
وشُباكي على مِصراعِهِ، يهتزُّ وَفقَ الريحِ،
إن كانت لشرقٍ أو لغربٍ.
عادةً، أصحو على صوتٍ خفيضٍ
عادةً، أصحو على ضوءٍ، وإن كانَ شموعًا
عادةً، أصحو متى أحسستُ جِلدًا فوق جلدي…
والغريبُ الآنَ، أنّـي قد شممتُ العطرَ في نومي قويـًّا،
فانتبهتُ…
الوردُ يغفو في أَصِيصٍ، تحتَ شُباكي.
ويلقى من نسيمِ الصيفِ تيارًا، فيهفو. بينما أصحو تمامًا
آهِ!
لم أحلُم بهذا،
بجمالٍ مثلِ هذا،
بشذًى مُغوٍ كهذا،
بنسيمٍ مُسكِرٍ حلوٍ كهذا،
بانشقاقِ الوردِ عن رُوحٍ كهذي،
وليالٍ مِن عبيرٍ -عندما استغرقتُ فيها في سُباتٍ- أيقظتْني.
………………………..
(كِش مَلـِك ♔)
مثلَ الحمامةِ مِن يدِ الحاوي خرجتُ،
خرجتُ مِن شَرَكِ الظلامِ، وكانَ جسمي نازفًا؛
مرَّت عليهِ الخيلُ تقطُـرُ خلفها العَرَباتِ،
والأفيالُ داهسةً عظامي،
مرَّت الأسيافُ، والقوَّاتُ، والقوّادُ في درعٍ منيعٍ:
في لبوسِ الحربِ،
والرُّخُّ الذي قد راعني مَرآهُ،
والدنيا بكعبٍ نقَّلَتهُ بقصدِ قتلٍ كالغواني…
كانَ جسمي نازفًا…
ودمي هُنا وهُناكَ:
حيثُ خطوتُ، حيثُ وقفتُ،
حيثُ غفوتُ مثلَ الخيلِ واقفةً،
وحيثُ تجيئُني تلكَ الهواتفُ كلّما ناورتُ، أو داهمتُ،
أو أسرعتُ خطوًا نحوَ نــورٍ وامضٍ:
(كِـشْ يـا مَــلـِكْ)
………………………………………………………..
(غابة)
ينتهي ما طالَ دهرًا. طالَ إحساسي بهِ دهرًا،
وأعطاني شعورًا بالهروبِ الأبديِّ.
الآنَ أرعى…
ويمرُّ القلبُ مِن ثَقبٍ صغيرٍ لبراحٍ،
وترى عيني نجاةً مِن فمٍ ذئبٍ،
وأدنو -مثلَ أفواهٍ مِن الماءِ الذي يجري زُلالاً- مِن خلاصي.
قنصتْني مثلَ صيدٍ في الصَّحارى.
ورأتْ أنّي بلا صحوٍ سأصحو،
أنّني حتّى وإن أغلقتُ عيني سأرى!
كم كانَ حدسًا صائبًا:
إنّي أراني في جحيمٍ.
وصَحَتْ عيني،
وطبعًا -دونَ صحوٍ- أبصرتْ.
آهٍ…
أما كادَ الصراعُ الصَّعبُ يُلغى مثلَ خطٍّ في رمالِ البحرِ؟ آهٍ.
إنّها الدُّنيا أطاحتْ كأسَ نصري مِن يدي.
لم تُبقِ إلّا ضِحكَةَ الـخُسرانِ لي:
هــا هــا!
مضى دهرٌ، إذن دهرٌ أمامي، والأنينُ الـمُرُّ فيهِ اجترَّهُ حَلقي،
وضِحكٌ مثلُ ضِحكِ الضَّبعِ -نالتْ صفعةً من (لَبوَةِ) الأدغالِ- يعلو مِن فمي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة مصريّة .. والديوان يصدر قريبًا عن دار الأدهم