فكرى عمر
أدار “عبد الوهاب” رأسه لما سمع همسًا في حجرته. التفت فرأى وجهها. نادى في الظلمات: “سعدية”. أعطته نظرة ودود دون كلمة. اتكأ على مرفقه الأيسر النحيل، وقعد في سريره. هبطت الملاءة الوردية القديمة من أعلى صدره المضطرب إلى خصره الضامر. فرك عينيه العسليتين الغائرتين. ربما راح النظر كما راحت ذكريات كثيرة وظلت أشياء قليلة من الطفولة والشباب! قال هذا لنفسه. حين حدق تجاه الزاوية الأخرى تأكد من وجودها، فارتج مكانه.
انزلق من فوق السرير حتى ثبتت قدماه المرتعشتان بأرض الحجرة، واتجه إلى الباب الموارب. وضع أصابعه على مفتاح النور وضغطه لأسفل. نظر للخلف بالركن الذى ظهرت فيه “سعدية” منذ قليل. رأى الكليم، وعدة الشاي، والبوتاجاز الصغير، والجوزة، وصندوق الفحم كما تركهم منذ قليل تحت نور لمبة النيون، ولا شيء آخر.
هل رأى زوجته الراحلة بالفعل في قلب الظلام، أم كان ذلك بقايا حلم؟! كان قد سمعها وهى تكلم شخصًا ما. جلس على الكنبة في الصالة؛ ليسترد أنفاسه وهو يحاول أن يعيد المشهد. لقد رأى عينين فسفوريتين، عيني القط الأسود الذى لم يفارقها في أيامها الأخيرة، وهنا على الكنبة التي يجلس عليها الآن. غيَّر “عبد الوهاب” مكانه.
ماتت “سعدية” منذ شهرين تاركة له فراغًا هائلًا ما كان ليتخيل أن يعشه، خصوصًا أنها كانت تصارع أمراضًا عدة في وقت واحد. كانت ترقد على السرير طوال النهار. لا تقوم إلا لتقضى حاجة، وتأتى إحدى بنات أختها لتقضى مصالح الدار. في الليل تحكى “سعدية” للقط آلامها. لما رحلت تخلى عنه لإحدى القريبات؛ لأنه كان يعتبره شخصًا ممسوخًا في صورة قط أسود.
هذه الأيام أصبح بأشد الاحتياج لساعة تأتى فيها “ثناء” جارته وزوجة مستأجر أرضه، تكنس الحجرات، تنفض ملاءة سريره، تحت شمس الصباح الفاترة تنشر الكليم الذى يسهر قاعدًا عليه هو و”صابر” و”عبوده”، رفاقه العجائز، بينهم الجوزة، وورائهم التليفزيون الملون خافت الصوت، والذكريات، والتسبيح، والحمد لما تنفضّ الجلسة لأكثر من سهرة بالأسبوع.
تدلق “ثناء” ماء الجوزة، وتملؤها بماء جديد، ثم تجهز له فطوره، وتطبخ له للغداء والعشاء. يتغاضى “عبد الوهاب” كثيرًا عن حقوق مالية صغيرة في مقابل خدمتها.
يراقب “ثناء” أثناء رواحها ومجيئها داخل الغرف الثلاث الصغيرة، والصالة المستطيلة الضيقة دون أن تلاحظ. هي غالبًا سرحانة في شيء لم يسع لمعرفته.
لو أراد الزواج لبحث عن أرملة أو عانس تخدمه مقابل اللقمة، والهدمة، وميراث في الغيط. هو يحرس مالًا لم يعد ماله في مقابل أن يرضى ابنًا ستصل إليه كل الأشياء دون أن يعبأ ذلك الابن بأب يقضى أيامًا قلائل في الحياة. لا يريد الولد الوحيد الذى نجا من الموت صغيرًا أن يأخذ إجازة من الكفيل لسنة على الأقل، ويقعد مع أبيه. لحقت به زوجته. كلما طلب من ابنه أن تعود امرأته على الأقل يتحجج بعملها مُدّرسة بإحدى المدارس الخاصة هناك. يعرف الابن ما تفعله “ثناء” لأبيه فيرسل لها ولزوجها ولأولادها كسوة العام، وهى تشبعه بالدعوات كلما أتت سيرته على لسان أبيه.
تخطو “ثناء” كثيرًا نحو حجرة المعيشة كالضفدع بقامتها القصيرة المدكوكة في جلباب بنى قديم طُمست وروده وراء الوسخ. يروح العجوز في النوم مرة أخرى، مغادرًا ساعات الصباح إثر تكة اللسان الحديدي وهو يدخل في الكالون لما تشده “ثناء” وهى خارجة لتلحق بزوجها في الغيط.
نام “عبد الوهاب” على كنبة الصالة، واستيقظ على صوت “ثناء”. كان مُفاجئًا مثلها بالضبط، إذ رأى كل شيء مرتبًا ونظيفًا. سألته إن كان قد استيقظ ليلًا، وفعل ذلك؛ فليس هناك من احتمال آخر؟! أدرك السؤال بابتسامة مراوغة فهو لم يحدد بعد أي خطة سيتبع في الكشف عما يراه. نومه على كنبة في الصالة دعم موقفه أمام “ثناء” التي لا تكتم أي شيء تراه عن زوجها.
ارتدى جلبابًا نظيفًا، وتوضأ، وضع عباءته الصفراء على كتفيه فقد أصبح يشعر بالبرد في الأيام الأخيرة رغم أن فصل الشتاء لا يزال بعيدًا عن البيوت والناس. لم يبح بالسر لأى من صاحبيه في هذا النهار. ظن أن ما يراه لم يتحدد بعد ولن يتكرر.
في الليلة التالية رأى “سعدية” بوضوح. كأنما عادت ثلاثين عامًا للوراء. شُقة الرأس الملونة التي يتسرب منها خيط حالك من شعر ناعم كان يصل لأعلى فخذيها. عنقها ملفوف طويل، وخيوط رفيعة فوق جبهتها، حتى أنه لما دقق في قلب العتمة بجوار وجهها رأى القط الأسود بوضوح أيضًا. يعرف نظرته المراوغة جيدًا. كان اشتراه لها مؤخرًا؛ فكيف يظهر معها في صورتها الثلاثينية؟!
كان لهما منذ سنوات قط سيامي ذو فراء أبيض مرقش ببقع صفراء داكنة. رأسه كان ضخمًا في أيامه الأخيرة، وكذا جسده الذى ينسلت من أسفل الطبلية، ومن أسفل عقب الباب بينما هما نائمان. يخرج القط السيامي ويعود في الليل بضع مرات. كان يتحسس فراءه. يحس حينها بليونة الأعشاب الخضراء التي يتكئ عليها حين يذهب إلى غيطه المستأجر؛ ليشوي قليلًا من كيزان الذرة. أما “سعدية” فكانت تطعمه، وتناغيه مثلما كانت تناغى من قبل أطفالها الراحلين، و”محمد” الذى غاب في الإمارات. مات القط بعد أيام من سفر “محمد”. تكالبت عليها الوحدة فاشترى لها قطًا أسود من سلالة أسيوية اختارته بنفسها، وتعلقت به أكثر من المألوف، حتى أنه كره القط بعد أيام، ثم أصبح يخافه حين يراه، أو حين يكون موجودًا معه بالغرفة وحدهما بينما “سعدية” تتحامل على قدمين مريضتين، لتقضى مصالح الدار في أوقات نادرة تتركهما فيها بنت الأخت الملولة.
ما دعم إحساسه بهوية القط الغامضة هو نظرته المتحدية، حركاته المحسوبة، مواءه الخفيض أثناء الليل كأنما يتحدث بلغة ملغزة. طرده “عبد الوهاب” من الحجرة ليلًا واضعًا حشوه خشبية أسفل الباب القصير؛ كي لا ينسل إليهما وهما نيام. كان القط الأسود لحوحًا في موائه الهادئ، كأنما يستجير بـ”سعدية”؛ لتعيده مرة أخرى إلى مكانه على كليم الأرضية الدافئ. يصعد ويهبط على سريرهما أثناء النوم.
قامت “سعدية” من نومها مرَّة، فتحت باب الحجرة بهدوء، كان الليل في منتصفه، تظاهر “عبد الوهاب” بالنوم منظمًا خيط أنفاسه، فهو لا يزوره النوم إلا بعد صلاة الفجر. اعتدل في فراشه، ورمى بصره عبر شق الباب الموارب. على ضوء وناسة الكهرباء بالصالة رأى القط راقدًا في حجر “سعدية” وهى تحدثه بصوت هادئ وتميل على أذنه. تمسح بيديها المرتعشتين على جسده. تفارق الشهوة المرأة مع الجسد اليابس الذاهب إلى الموت، ولا تفارقها الحيلة، أو كشف الألغاز. كان قد حدث نفسه بهذا وهو ينزلق من سريره بهدوء. مد أذنيه إلى ما وراء الباب. سمع بعضًا مما قالته للقط. إنها تحكى أسرارهما بينما كانا في عز شبابهما، وتخبره بأوجاعها. هل لهذا السبب يرافقها هذا الحيوان بالذات حين عادت بهيئتها في شبابها من العالم الآخر؟!
ماتت “سعدية” قبل أن يكشف سِرّ القط الذى عاد إليه الآن بصورة شبح ليلى يرقد على حجرها.
في قلب العتمة تجلس “سعدية” على الكليم الذى كان منذ ساعات متكأ لـ”عبد الوهاب” وصاحبيه “صابر” و”عبوده”. شيوخ يهربون من ضجر زوجات الأبناء بالالتفاف حول “الجوزة”، ووشيش التليفزيون، وبعض الذكريات المعادة. يتركهما “عبوده” ليقضى مع زوجته الجديدة ليلة جديدة.
يعرف “عبد الوهاب” و”صابر” أنه إنما يبالغ كثيرًا بما يخبرهما به، إلا أنهما من خلال كلامه يستعيدان ما مضى من لذة كانت تدفئ أيامهما الباردة وظروفهما القاسية. الآن تغيرت الدنيا. صار لكل واحد منهم بيتًا بالطوب والخرسانة، وأولاد يمتلكون بضعة أفدنة، وبنات متزوجات وأخريات أرامل. كان “عبد الوهاب” هو الوحيد في ثلاثتهم الذى يقعد وحيدًا بجوف داره التي بناها من طابق واحد. له ابن وحيد ظل على قيد الحياة، تعلم وسافر وهجر الأب إلا من مكالمة أسبوعية لا تشفى وحدته. أما “صابر” فيقعد مع ابنه الأكبر ببيت العائلة، و”عبودة” تزوج ووزع الميراث على أولاده، وكانوا قد اشترطوا عليه ذلك إن أراد الزواج، وترك نصيبًا لزوجته الجديدة.
دائمًا ما يكون القط مع “سعدية”. لا يطلق مواءً، ولا يزعج “عبد الوهاب”. فقط ينظر بوداعة كما تنظر “سعدية” بالضبط. كأنه يطمئنه بوداعة العالم الآخر الذى يخاف كلما راح في النوم أن ينتقل إليه دون أن يدرى. عندما يستيقظ صباحًا يجد فطوره مُعدًّا. تنظر “ثناء” وفى عينيها نظرة لؤم قائلة:
– دا مقلب يا عم الحاج؟
يحلف “عبد الوهاب” وهو يتمطى من أثر النوم العميق أنه لم يفعل شيئًا، لكنه يستدرك خطأه بابتسامة أخرى أمام المرأة متحججًا بالوحدة التي تجعله يتحرك كثيرًا حتى يسلى نفسه، والمرأة تحاول أن تصدق، بينما تسأله عفوًا لماذا يظل وحيدًا في بيت كبير كهذا دون ونس!
كان ينظر لها كل ليلة، ثم ينتقل من فراشه إلى الكنبة بالصالة دون أن يجرؤ على الاقتراب من مكانها. يشعل المصباح فتختفى. يطفئ المصباح فتظهر وفى عينيها نظرة توسل، لذلك كان يتركها رغم إحساسه أنها إنما تأتى لتؤنسه، وتنقل له رسالة ما. قلبه الضعيف لا يحتمل، يغادر الحجرة مسرعًا. يضبط منبه الساعة بجواره على السادسة صباحًا، فإذا ما فاجأه الرنين تسلل إليه صياح الديك على السطوح المجاورة وشقشقة عصافير تفتح عينيها للصباح. يتحامل على قدميه، ويدخل حجرته؛ كي لا تسأله “ثناء” لم ينام بالصالة ويزداد شكها في أي شيء.
قرر أن لا يترك نفسه للقلق أكثر من ذلك. في سهرة الليلة استبقى “صابر”:
– خير يا عبد الوهاب؟
– أنا هاقول لك على سر بس يفضل في عبك لحد أما نعرف نعمل إيه بالظبط؟
قال “صابر” مبتسمًا بتسليم:
– وهى الأسرار عادت تنفعنا في حاجة؟!
– لأ.. دا شيء خطير.. بص يا حاج.. سعدية بتزورنى يوميًا في الأوضة دى.
– ربنا يطول في عمرك يا عبد الوهاب.
– يا أخي ما بتزورنيش في المنام.. بتقعد مكانك هنا على الكليم ده، وتبصلي كده من غير ما تتكلم.
– أه (تحرك صابر من مكانه مرتبكاً، وجلس فوق السرير بالجهة الأخرى). بتزورك! سلامة نظرك.. هاء، هاء.. ضحكتنى، وبُقِّى هايوجعنى من الضحك.
عاجله “عبد الوهاب” بنرفزة:
– يا أخي متقلبش الجد هزار.. إذا كنت خايف متكلمش.
– وأنا اقدر أمشى من غير ما تكمّل.. إحنا ها نخاف من قدر ربنا برضه.. دا احنا ماخوفنا واحنا شباب!
– كنا شباب.. الدنيا مفتوحة ونقدر ندافع عن نفسنا.. دلوقتى كل يوم بناخده من الدنيا مكسب.
– قول يا عبد الوهاب.. بس على الله ما يبقاش مقلب من مقالبك إياها.
تهطل على رأس “صابر” كل المقالب التي شربها من قبل من صاحبه “عبد الوهاب”، غير أن نبرة الأسى بوجه صديقه جعلته يصدق المأساة التب يعيشها، والخفة التب بدأت تتسرب إلى كلامه، وذكره الدائم للموت الذى يزوره، والموتى الذين يراهم لحجرته. هم جميعًا قدم فب الدنيا وقدم فب الآخرة، لكن “عبد الوهاب” أكبرهم سنًا، وأكثرهم إنهاكًا بالأمراض.
اتجه “عبد الوهاب” إلى قواطع اللمبات، اقفلها وهو يقول لصاحبه:
– بُص كويس يا صابر.
لقطة استمرت تبزغ شيئًا فشيئًا في العتمة على إثرها صاح “صابر”:
– ولع النور بسرعة.. النور.
أضاء “عبد الوهاب” لمبة الكهرباء. رأى بوجه صاحبه فزعًا مثلما أحس هو من قبل. بالتأكيد شاهد “صابر” “سعدية”، والقط. ازداد العجوزان التصاقًا. نطق “صابر” بعد أن تخلص من طعم الليمون المفاجئ في حلقه:
– لا إله إلا الله.. دا حقيقي.
– وكمان بتعمل لي كل اللى أطلبه، يعنى مثلًا تحب نشرب شاي.. كوبايتين شاي يا سعدية.
كان البوتاجاز الصغير وعدة الشاي بالداخل. تراجع “عبد الوهاب”، سحب “صابر” من يده، أطفأ النور، وأغلق باب الحجرة، وانتظر لدقائق، ثم دخل الحجرة، وأشعل لمبة الكهرباء، فإذا بكوبي الشاي على صينية الألمونيوم يخرج من أعلاهما بخار دافئ. ناوله كوبًا ممتلئًا؛ فتراجع “صابر” للوراء منزعجًا:
– اشرب إيه؟! انت عاوزني أموت.
– يا جدع ما يبقاش قلبك خفيف.. أنا هاشرب قدامك أهو.
تلك الليلة لم ينم “صابر” لحظة واحدة حين عاد لبيته. ظل يراقب في الظلام مفرش الخوص بحجرته؛ ليرى زوجته التي رحلت، أو أي من إخوته، وأخواته البنات، لكنه لم يلمح طيفًا للراحلين. أما “عبد الوهاب” فتمدد في فراشه مطمئنًا لأنه لم يعد يملك السر وحده. طوال الليل كان ينظر لـ”سعدية” باطمئنان رغم نظرة اللوم بعينيها. رمى للقط نظرات متشفعة لعل له في قلب الراحلة خاطر، ولم يستطع أيضًا أن يذهب إليهم في قلب العتمة، بل عاد بعد دقائق إلى نومته التي اعتاد عليها منذ أيام بالصالة ضابطًا منبه الساعة على السادسة صباحًا. أتت “ثناء” صباحًا، وهى متأكدة أنه لا يحتاج منها خدمة صغيرة. تطمئن فقط، ثم تذهب مع زوجها.
في المساء التالي جلس “صابر”، ولم يذهب مع “عبوده”. أحس “عبد الوهاب” بأن صاحبه لديه شيء يريد أن يقوله. قال “صابر” لما اطمأن إلى خلو المكان:
– طفى الكهربا كده يا عبد الوهاب.
وقف الشيخان على باب الحجرة، يُحدِّقان بعيون باهته في المرأة والقط، بعد قليل ظهر آخرون. زوجة “صابر” ظهرت، وأخويه اللذان رحلا، وأباه وأمه، فقال لـ “عبد الوهاب” بأسى:
– اشمعنا عندك بس بيظهروا.
ثم تقدم “صابر” قليلًا؛ ليختبر هذا الذى أمامه، فهو لن يستطع العودة إلى البيت وقد رأى ما رأى. بعد قليل نادى “عبد الوهاب” على صاحبه لما تأخر في العودة:
– يا حاج.. يا حاج صابر.. يا صابر.
لما طال الصمت أنار “عبد الوهاب” لمبة الكهرباء، فلم ير لصاحبه أثرًا. كاد يتهاوى من الرعب. كان “عبد الوهاب” واقفًا على مدخل الباب. لو أن “صابر” عبر إلى غرفة أخرى لأي شيء لأحس به “عبد الوهاب”. بحث في أرجاء المنزل مغلق الأبواب دون أن يرى أثرًا لصاحبه. يخشى أن يترك المنزل في هذا الوقت المتأخر؛ ليبلغ أحدًا من أبناء “صابر”، أو حفدته. زوجات الأبناء قساة القلوب سينظرن بتحد إلى شيخوخة “عبد الوهاب” غير آبهين بأوجاعه، سيتهمنه بالتخلص من صاحبه. هل هذا معقول؟! لمن يعيش إذا فقد الصديق؟! سيبحث “عبوده” عنهما، لكن “عبوده” هو الآخر لا يأبه سوى لزوجته الجديدة.
اتجه “عبد الوهاب” إلى الحجرة مرغمًا. أطفأ النور، فبزغت عيون كثيرة وادعة في وجوه نبتت كأقمار وراء نتف شفافة من سحب الخريف. رأى “صابر” فجأة صامتًا وسط الصامتين. بقدمين نحيلتين لم يجد “عبد الوهاب” مناصًا من التقدم والبحث. خطا للأمام داخلًا هو الآخر في قلب العتمة.
………………….
*إحدى قصص المجموعة القصصية “الجميلة وفارس الرياح” الصادرة أخيرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة