سمية عبدالمنعم
هناك.. حيث بعض احتمالاتٍ لفرحٍ مؤقت، وقفت..
أطل برأسي من نافذة عالمي المزدحم جبرًا، محاوِلةً أن أختطف لحظات غافلة.
وهناك حيث بقعة ضوء استدارت بين عتمة حالكة وقف… رأيته محاولا الإمساك بزمام روحه، عيناه مشرعتان على عالمي بنهم غريب.
لم أعِ ما يحدث إلا عندما وجدتني أتبادل معه الأدوار.. هكذا تذكرت ذاك القابع في ركن قصي من ذاكرة القلب والمتربع -اختيارا- في محيط هاتفي وتطبيقات تواصله حينما خرج عليّ من هالته الدخانية كماردٍ أبَى إلا مفاجأتي بظهوره، وانحنى يلتقطني بأصابعه كعروس باربي صغيرة، سكنتُ إلى باطن يده ورحت أقص عليه حكاياتي الطويلة، ولم يقاطعني، بل لم يتقاطع معي أبدا، كان صامتًا كنهرٍ آسن، ومبتسمًا بهيبةٍ كتمثال بوذا. اخترتُ الصمت بحزن وابتعدت وأنا بعدُ لم أجد إجابة لأسئلتي الحيرى، وانتظرت دونما انتظار، وهربت دونما هروب.
يطالعني صوته كلما حنّت روحي إليه، هكذا كان صوته آخر ما تبقى لي من عالمه.
في ملل الانتظار وجدتني أنتظر مللا آخر حتى يأذن لي برحيلٍ أبدي..
أفقت من ربقة ذكرياتي وأنا أنظر للهفته وحكاياته التي انهمرت فوق قلبي دون توقف.
الآن حان دوري لأتحول من مستمع صامت لمتحدث بلهفة مماثلة، انطلقت حكاياتي من قيدها، لكن فجأة تمثل أمامي صمت الآخر، وارتسم أمام عيني طريق الرحيل الطويل، فاخترت الصمت وعدت لأجلس هنا بين مقاعد المستمعين، دون التدخل في تفاصيل الرواية..
تلك التي مازالت تُجرى أمامي على خشبة المسرح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاصة مصرية