* رأس الأمل*
أحببتُ أيامَ السبت
وأفلام “جيري لويس” و”دين مارتن”
وأحببتُ سطرين لم يكتب غيرهما “سليم بركات”
وبفضل هذين السطرين دمّرتُ نصفَ حياتي
وأحببتُ النصفَ المُدمّرَ مثلما الآنَ أحبُّكِ
أنتِ التي لم أركض إليها حينما قالت عيناها:
،”تعالَ لأضمّك. تعالَ يا حُبّي الهَني”
وأيضاً أحبُّ عراكنا هذه الليلة
لأن أحدنا فتحَ صنبورَ الماءِ الساخن
وأحرقَ رأسَ الأمل…
كان ضيفنا وأرادَ أن ينتعشَ قليلاً
وكان وحيداً تحت الدوش.
…………………………………………………..
*الأزرق الوحيد*
– كم ابتسامة ابتسمتَ اليوم؟
– ١٦ ابتسامة.
– ما أنواعهن؟
– أبيض لؤلؤي وأخضر فاتح وريد بيري.
– لم تكن بينهن واحدة حمراء؟
– السماء حمراء.
– هل تمزح؟… السماء زرقاء.
– الأزرق خدعة بصريّة. لا وجود للأزرق.
– البحر أزرق. بنطلوني الجينز أزرق. رأيتُ في السوق ماكينة خياطة زرقاء، وأنتَ كتبتَ ذاتَ مرّةٍ عن ناقة زرقاء.
– كلّ هذا مزاح. الأزرقُ الوحيدُ هو لونُ قلبي حين تضربه الوحدة. حين تغلقين الهاتفَ وتنامين. وحين أتذكّر شيئاً نسيتُه بعد فوات الأوان.
– هل أنتَ بخير؟. يا حبيبي المرهف الجميل.
– نائم، وأحلمُ بك.
………………………………………
زهور في الماء
أنتِ مختلفةٌ وغريبة، ولا يشبهك هذا العالم
طيبة وحنون، ولديك شهر من الانتظار
تقضينه أمام ماكينة الخياطة
لتتعلّمي طريقةً سهلةً وبسيطة
لرسمِ الزهورِ في الماء.
نعم؛ أنتِ ترسمين الزهورَ في الماء
لأنّ أسماءَ الستائر كلّها لديكِ
مرتبطة بالماء
فهذه الستارة اسمها
“ماءُ العين”
وتلك الستارة “ماءُ الوردِ والبهجة”
وتحبين بشكل خاص “ماءٌ قليلٌ للرحلة”
وأسألك: “هل أنتِ مكتفية دائمًا، وزاهدة؟”
فتضحكين بصوت عال. تضحكين كطفلة
وأعتقد أن حجم صوتك مثل حبّة بندق
وأعتقد أنّني لن أسألك مُجددًا
فالبقاء معك؛ في هذه المساحة
وسط هذا العالم المُرعب الكئيب
يقتضي أن أكون طفلاً
وتقولين: “تعال”.
وأقول: “ها أنا جئت”
ما أجمل أن أقف أمام عينيكِ
ولن يستطيع أعظم الشعراء
أن يصف لحظة وقوفي
أمامَ عينيكِ
والأجمل أنّ حبنا الكبيرَ والحقيقيَّ
يخلو من الغضبِ والكمثرى
أنا وأنتِ لا نحبُّ الكمثرى
نحبُّ قريةً صغيرةً
تزرعُ البصلَ والثومَ والفلفل
فوق الجبال.
……………………………
*نوم متقطع*
مشاعري كلّها تغيّرت؛ فلماذا ترغبُ في دغدغتي؟!
وبماذا يفيدك أن أضحك وروحي فارغة ويابسة؟!
أقصد الفراغ الحلو… اليابس عند الأطراف
مثل قطعة خبز شهيّة كادت أن تحرقها النار.
أخبرني ماذا كتبتُ لك، لأنّي أمسح الرسائل،
هل تحدثتُ عن الشوق؟
وماذا يعني الشوقُ في عالمٍ كاذبٍ وحقير؟
اليومَ لكزتني امرأةٌ حامل وأنا أعبر الشارع
أعجبتها مؤخرتي وقالت إنّها مؤخرة عظيمة
ثم غمزت لي أن أتبعها في طريقها
وكم تمنّيت أن أتبعها. أنا امرأةٌ تحبُّ تلك الطريق
الغائمة والضبابيّة، وأحبُّ المغامرات، والنومَ المتقطعَ
مع نساء فارعات الطول وصامتات إلى الأبد.
كانت أمي تقول إن مشاعري زنجيّة… امرأة من توابل
وصوتي المشروخ يؤهلني للعمل في الأندية الليليّة
لحظة من فضلك. أتذكّر أنّني
كتبتُ هذه الرسالة:
حياتي قصيدةٌ مُترجمةٌ عن لغةٍ مجهولة
وحياتك واضحةٌ وبسيطة؛ فانصرفْ عني.
*شكرًا للسؤال*
هل الهروب من الزحام يقود إلى الحريّة؟
وهل أنا وأنت. أقصد أنت وأنا قادران على العيش في سلام؟ وهل المكان الأخضر المرسوم في اللوحة يمكنه أن يوفر حياة طيّبة وكريمة لسمكة تطوّرت زعانفها إلى أقدام، وخياشيمها إلى رئتين، وصارت تتكلم عن أزمات ماليّة كبيرة تعصف بحياتها؟
…………………………
أعتقد أن هذه الأسئلة تجعلنا نشيخ مُبكرًا، وأعتقد أن اللغة التي نستخدمها الآن لا علاقة لها بالحب. لا علاقة لها بالنور الذي كان في يدي ويدك عندما تصافحنا للمرّة الأولى. أتذكر أنّ الهواء تجسّد وقتها في صورة دولفين يحملنا فوق ظهره وينطلقُ إلى أعماق الفضاء، وأتذكر أنّ الفضاءَ اختفى لدقائق كانت كافية لنكتشف حقيقة وجودنا معًا: أنا وأنت. أقصد أنت وأنا قادران على العيش الكريم المشترك حتى في قلب بيت عنكبوت.
………………………
عموماً شكرًا للسؤال
شكرًا للسراب الحلو الذي أبقى على الخيط مشدودًا بيننا
وشكرًا لوكالة الفضاء التي رأت أن تشتري حقوق قصتنا؛
لتعيد بثّها في فيلم سينمائي جديد.
فهل تحب السينما كما أحبها؟
يبدو أنّ الحب يجعلنا ننسى
ولهذا السبب… نتعذّبُ كثيرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الديوان صادر في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 ـ عن دار روافد