د. مصطفى الضبع
في كثير من الندوات يشكو الأدباء من تجاهل وزارة التربية والتعليم للأدب والأدباء وأن الوزارة لا تختار من يمثل الأدباء في وضع المقررات التعليمية أو الإشراف عليها ولا تهتم بالأدب الحديث الذي لا مكان له بين كتب الوزارة ومقرراتها ويشكون مر الشكوى من غياب القارئ، ومن كساد صناعة الكتاب ويروح الجميع ينعون على الوزارة المختصة هذا التجاهل، دون أن يتحرك أحد خطوة واحدة للقيام بدور فعال على الرغم من اعتراف الجميع بأن التعليم المصري يمر بأزمة كارثية أفضت بنا إلى وضع لم تعرفه دولة على مر التاريخ.
ويكتفي البعض منهم بكتابة مقال لا تختلف لغته عن لغة ما يتردد في الندوات أو ينقل أحدهم المعركة إلى شاشات التليفزيون ويظل الأمر مرهونا بمطالب لا هى أفادت التعليم ولا هي أخذت خطوة في الاتجاه الصحيح ويبقى الأمر على ماهو عليه: تعليم لا يحمل من التعليم سوى اسمه وأوضاع اجتماعية ترتبت على ضياع التعليم لاتخطئها العين وتظل مطالب الأدباء فردية فكل واحد منهم يؤذن في جزيرة منعزلة ويظل العمل الجماعي نغمة مفتقدة وحلما بعيد المنال.
هل لأن الأدباء تعودوا على العمل الفردي لذا يصعب على الكثيرين منهم الدخول في عمل جماعي أو العمل بروح الفريق ؟، وهل لأنه إذا إذا أتيحت الفرصة لأحدهم للمشاركة في عمل جماعي فمن السهل أن تجد حالات من الإنفراد أو محاولات الإنفراد ؟، وهو ما ينطبق على الأدباء حين يطالبون وزارة التربية والتعليم أن تتخلص من تجاهلها وكأن على الوزراة أن تقف على باب الأدباء متوسلة أن يقدموا لها أعمالهم لتختار منها ما تقرره على طلابها،والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين اتحاد الكتاب بوصفه الممثل لجماعة الكتاب والأدباء والمتحدث الرسمي باسمهم، وهل يدرك اتحاد الكتاب أن دوره أكبر من مجرد كونه نقابة شأن أي نقابة أخرى ؟ ومتى يدرك اتحاد الكتاب دوره التاريخي والوطني في إصلاح التعليم وأنه اتحاد كتاب لبلد عظيم يمر بأسوأ لحظات تاريخه ؟.
إن وعي اتحاد الكتاب بدوره يفرض عليه العمل وفق منظومة فكرية ومعرفية تليق باتحاد كتاب يعبر عن نخبة الضمائر الوطنية، وحتى يغادر القول منصة الإنشاء إلى الواقع أقترح عددا من المحاور للعمل في هذا الاتجاه، أولها:إقامة مؤتمر للتعليم يدعى فيه وزير التعليم ورجاله لوضع تصور ملزم للوزارة وقوفا على المشكلة وكيفية الحل، ثانيها: وضع برنامج تثقيفي أدبي يعمل في المدارس يتم تنفيذه من خلال بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم يستثمر فيه اتحاد الكتاب الأدباء المنتشرين في محافظات مصر، ثالثها: إلزام الأدباء بمنح المدارس المحيطة في نطاق مساكنهم نسخا من مؤلفاتهم وعقد ندوات لطلاب هذه المدارس، رابعها: مطالبة الوزارة بالتخلص من نظام القائمة في تزويد المكتبات المدرسية ووضع تصور ملزم بتزويد هذه المكتبات بأمهات كتب الأدب العالمي، خامسها: استثمار نسبة 2% المستحقة لاتحاد الكتاب عند الناشرين (يعاني الاتحاد من تحصيل هذه النسبة وتجاهل بعض الناشرين لها ) استثمارها بالحصول على نسخ توازي هذه النسبة وتوزيع هذه المتحصلات من الكتب على المدارس، سادسها: عقد دورات تثقيفية للمدرسين المتميزين يكون من شأنها تطوير وعيهم بالأدب، سابعها: نقل الآليات السابقة إلى الجامعة وطلابها وأساتذتها بما يضمن نهضة معرفية في وعي الأجيال تساهم في ضمان تجاوز الوضع الكارثي للتعليم في مصر.
وعلى الأدباء أن يتخلصوا من وقفتهم على أطلال التعليم مدركين أن دورا حقيقيا وتاريخيا يلزمهم بالعمل وفق مفهوم الوعي بالدور والالتزام به لا التخلي عنه متذكرين أن الوقوف على الأطلال لم يطور الحياة العربية القديمة ولم يحركها شبرا في طريق التقدم الإنساني.
وللحديث بقايا