بأسلوب جديد ومتميز تكتب “كيتي ريشايس” عن عالم الحيوان، وخصوصًا الذئاب، حيث نظرت إليهم كواحدة منهم، وحاولت نقل أفكارهم ومشاعرهم – أو هكذا بدت بالنسبة لها – بعيون ذئبية، وربما يرى البعض إسقاطات معينة أرادتها الكاتبة أو لم تردها، لكن ذلك شأن القارئ وحده، الذي يصبح مشاركًا بالأحداث ومراقبًا لها عن قرب من أول مشاهد الرواية، وعليه وحده تقع مسئولية التأويل.
ومما لا شك فيه أن كيتي من خلال كتاباتها قد نجحت بشكل أو آخر في اخراج ملحمة سردية جعلت من بعض القراء يظنون أحيانًا واقعية تلك الأحداث، خصوصًا أنها استخدمت روابط منطقية في سبك ملحمتها البديعة.
طالما أغرى عالم الحيوانات والطيور خيال الأدباء، فكتبوا على لسانهم منذ القدم؛ لأنه كان ولا يزال مادة خصبة للإبداع لما فيه من رمزيّة هادفة، وعُمق في التفكير، ونقد سياسي واجتماعي، ودعوة للإصلاح.
ربما كانت البداية عند ذلك المصري القديم الذي اختار تجسيد صفات الخالق بأشكال الحيوانات والطيور، وناجى ربّه من خلالها، وأجرى الحكم والأمثال على لسانها لتكون له دائمًا نورًا على طريق الحق والخير.
ثم انتقلت فنيّات الحكي على ألسنة الحيوان إلى الأدب اليوناني قبل إيسوب وبعده لكن تظل حكاياته الخرافية التي صاغها من أجمل ما كُتب في ذلك العصر، ومرورًا بدرة الأدب المعرّب كليلة ودمنة التي انتقلت من الهندية للفارسية وأعاد ابن المقفع سردها بذوق وخيال عربيين يرمزان إلى ما تصبو إليه الأمة من تعاون بين البشر والأمم وإشاعة الخير ومقاومة العدوان.
حتى وصل هذا الشكل الفني ذروته في القرن السابع عشر مع أساطير لافونتين الشهيرة، التي تضمنت موضوعاتها الرئيسة حماقة البشر وغرورهم، وكانت لتلك الحكايات تأثيرًا عظيمًا في أوروبا فتبعه العديد من الكتّاب الروس والألمان مثل كريلوف ولسينج، ووصولا إلى الكاتب الإنجليزي الأشهرجورج أورويل ومزرعة حيواناته.
لذا فلا ينبغي لأحد ادعاء تفرد أدبه وحضارته بذلك الفن، لأن الفنون والآداب متصلة جميعًا عبر العصور والحضارات، يكمل بعضها الآخر ويدعمه ويقويه ليزيد جماله، ويتم رسالته، فما بدأه قديمًا القرد تحوت من تعليم الناس الحكمة والخير ومساعدة حورس حتى يستعيد دولته ويرد عينه الضائعة، أكمله رافيكي القرد الحكيم في إرشاده لسمبا حتى يرجع ملكه المسلوب في قصة الأسد الملك الشهيرة.
————————————————
نبذة عن الرواية:
تبدأ أحداث رواية ملحمة الذئاب في وادي الرياح الهامسة، حيث لا يزال العالم منظمًا. تعيش (آكونا)، الذئبة القائدة، ورفيقها (بالوكان) مع جرائهم الثلاثة (إيمياك)، و(شتيرنشفستر) و(شيريكي) – وفقا للقانون (فاكا)، الذي ينص على أن كل الحيوانات متساوية.
فجأة يصبح هذا التعايش السلمي في خطر؛ جاء قطيع لعين، بعدد غير متناهي، تحت قيادة (شوجاركان) لضم كل القطعان إليه. صار (بالوكان) أول ضحاياه، وأصيبت (آكونا) بجرح قاتل، وأجبر (شوجاركان) قطيعها على التحرك معه. لكن (شتيرنشفستر) و(إيمياك) و(شيريكي) رفضوا المضي لتحقيق ذلك.
نبذة عن المؤلفة:
ولدت في النمسا عام 1928
شاركت كممرضة في الحرب العالمية الثانية، ودونت ذلك في رواية لها بعنوان؛ (فلتعد للوطن ولتنس كل ما حدث).
شغلت وظيفة سكرتارية مكتب الهجرة الكاثوليكي الدولي النمساوي في جينيف، ثم تولت إدارة المكتب في فينا، ومن خلاله شاركت في المؤتمر الدولي لمؤسسة الهجرة الكاثوليكية في كندا وأقامت فترة في أمريكا الشمالية.
تفرغت للكتابة الأدبية منذ عام 1960
قامت بالعديد من الرحلات حول العالم للتعرف على آداب الشعوب المختلفة.
بلغت مؤلفاتها ما يزيد على ستين عنوانًا منها سبعة بالإشتراك مع آخرين، بالإضافة إلى ما يزيد على مائتي مقال منشور، من أهم مؤلفاتها: (الأخ الصغير فاتومي) 1947 – (كلب الماء وأصدقاؤه) 1963 – (الذئب الأبيض) 1982 – (لينا، قريتنا والحرب) 1987 – (ملحمة الذئاب) 1994
حصلت على عشرات الجوائز والأوسمة من الداخل والخارج كما حظيت معظم كتاباتها باستمرارية رواجها بين القراء، ومن أهم جوائزها:
2008 وسام نادي الليونز
2007 وسام أدلبرت شتيفتر
2001 وسام الاستحقاق النمساوي للعلوم والفنون
1999 وسام هينريش جليسنر
1995 الوسام العالي من الأكاديمية الألمانية لأدب الشباب والأطفال
1989 لقب الأستاذية (بروفيسور) من وزارة التعليم والفنون بالنمسا
1988 ميدالية الجدارة الذهبية للعاصمة فينا
1986 الجائزة التقديرية لأدب الأطفال والشباب بالنمسا
————————————————–