كرمة والعصفور الصغير

موقع الكتابة الثقافي default images
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

اليوم هو عيد ميلاد كرمة، كرمة كانت تحب الرسم، وكانت دائماً ترغب في استعمال  ألوان أختها الكبرى فريدة. اليوم في عيد ميلاد كرمة الصغير أهدتها أختها فريدة  كراسة رسم كبيرة وألوانًا شمعيةً جميلة مناسبةً لسنِّها الصغير.

قررت كرمة رسم حديقةً  بورود مزهرة، وفراشات ملونة، وكانت سعيدة جدا أن الورقة كبيرة بما يكفي لترسم فيها كل ما تحب، رسمت وروداً وأشجاراً مثمرة وعصافير صغيرة تطير وترقص حول الزهور، وتأكل من ثمار الأشجار.

بعد وقت تعبت كرمة  من الرسم، وكانت ترغب في النوم، فتركت اللوحة دون أن تكملها، وكان هناك عصفور صغير رسمته كرمة لكنها لم ترسم له جناحيه بعد.

نامت كرمة الصغيرة، لكن العصافير في اللوحة  لم تنم، ظلوا على لعبهم وطيرانهم من زهرة إلى أخرى، ومن شجرة إلى شجرة، والفراشات كانت ترقص حول الزهور، وكان كل من في اللوحة سعداء مبتهجين ماعدا العصفور الصغير الذي نسيت كرمة أن ترسم له جناحيه،  كان حزينًا، وغير قادر على الطيران، وكانت العصافير الأخرى تسخر منه، ومن عدم قدرته على الطيران واللعب معهم .

في الصباح استيقظت كرمة وأنهت فطورها وجهزت ألوانها لتكمل لوحتها،  لكنها عندما نظرت للوحتها وجدت العصفور الصغير جالسًا وحيدًا، وحزينًا في ركن اللوحة؛ فسألته: ” ماذا بك يا عصفوري الصغير؟ لماذا أنت حزين ووحيد هكذا؟ ”

قال العصفور الصغير: “صو صو أنا حزين لأنك لمْ ترسمي  جناحيَّ، وكل العصافير كانوا يطيرون ويحلقون في السماء ماعدا أنا، كنت وحيدا وكانوا يسخرون مني، ثم بدأ في البكاء حتى ابتلت اللوحة، في هذه اللحظة بدأت العصافير الأخرى تسقط من السماء وتفقد قدرتها على الطيران وتحريك أجنحتها.

تعجبت كرمة والعصفور الصغير مما حدث للعصافير الأخرى، وقال لها هيا هيا يا كرمة، ارسمي أجنحتي  لنذهب للعصفورة العجوز الحكيمة؛ فنخبرها ما حدث للعصافير، ربما تستطيع مساعدتهم.

بالفعل بدأت كرمة في رسم الجناحين للعصفور الصغير، جناحين ملونين بكل ألوان قوس قزح البرَّاقة، وعندما انتهت منهم كان هو العصفور الوحيد القادر على الطيران من بين كل العصافير.

ذهبت كرمة والعصفور الصغير إلى العصفورة العجوز الحكيمة، وحكوا لها كل ما حدث، فابتسمت العصفورة الحكيمة، وربتت على ظهر العصفور الصغير، وقالت له “دموعك التي سالت من عينيك الصغيرتين بسبب حزنك وضعفك ووحدتك أثقلت أجنحة كل العصافير الأخرى، ومنعتهم من الطيران. الآن يجب أن تسامحهم حتى يستطيعوا الطيران من جديد”.

فكر العصفور الصغير قليلا، وقال أنا مازلت غاضبًا وحزينًا بسببهم، ماذا أفعل يا كرمة؟

قالت له كرمة: هيا نعود إليهم في اللوحة من جديد لنخبرهم أن دموعك وحزنك هم سبب فقدانهم القدرة على الطيران؛ ليعلموا كم كانت أفعالهم وسخريتهم مؤلمة لك .

قال لها العصفور: هيا بنا.

عندما عادت كرمة والعصفور إلى اللوحة كانت العصافير الأخرى لا تزال حزينة وتبكي من فقدانها قدرتها على الطيران ، وعندما رأوا العصفور الصغير ازداد بكاؤهم وتأثروا بشدة عندما تذكروا ما فعلوه به في اليوم السابق من سخرية عليه وعلى وحدته وعدم قدرته على الطيران، واجتمعوا حوله يعتذرون له  ويخبرونه أنهم شعروا بكل ما كان يشعر به من حزن وألم ووحدة، وأنهم لن يكرروا ما فعلوه من جديد، ولن يسخروا أو يهزؤوا من أي عصفور آخر أو من اختلافه عنهم.

قالت لهم كرمة: فعلا لا يجب أن نسخر من بعضنا البعض؛ فالقدرات كلها يهبها لنا الله ويستطيع استردادها في أي وقت يشاء .

في هذه اللحظة، شعر العصفور الصغير أنه سامح أصدقاءه العصافير من قلبه، ولم يعد غاضبا منهم، وعندها بدأت أجنحتهم الرقيقة في الرفرفة من جديد، واستطاعوا كلهم الطيران والتحليق في السماء، وكان العصفور الصغير سعيدا وهو يحلق في السماء مع أصدقائه العصافير، وأجنحتهم الملونة كانت تبرق في أشعة الشمس والحديقة عاد لها بهاؤها، وازدهرت لوحة كرمة وكانت من أجمل اللوحات .

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي default images
حكايات سارة
سارة عابدين

ربما