حاورته- سوزى شكرى
إبراهيم فرغلى، روائى صاحب مشروع أدبى، مشروع يمكن وصفه بـ»غير المعتاد» فقد اخترق الأبواب المغلقة بإحكام على المتناقضات الفكرية فى الشخصية، طرح أسئلته الإنسانية عن الازدوجية التى يعيشها ويتعايش معها الإنسان، مثل: هل يمكن أن تجمع الرغبة والحب بين شخصيات لها ثقافات مختلفة؟! ومن بين هذه المتناقضات أيضا؛ الفكر الذكورى الشرقى العنصرى ومحاولة الاحتماء والاختفاء فى التابوهات العبثية حول قدسية الجسد.
صدر له عن دار «العين»، مجموعة قصصية بعنوان «شامات الحسن»، يبحث ويتأمل من خلال قصصها القصيرة عن علاقة الفرد بجسده، ودلالات هذه العلاقة، كتابته تعد كتابة إيروتيكية تحتفى بالجسد بوضعه فى اختبارات وجودية.
التقينا مع الكاتب إبراهيم فرغلى وتحاورنا معه حول إصداره الجديد، وحول موضوع طرح الجنس فى الأدب العربى، وعن رؤيته لحرية التعبير والفكر فى الأعمال الأدبية، وموضوعات أخرى فى هذا الحوار:
■ما سبب اختيارك لاسم «شامات الحسن» لمجموعتك القصصية؟
– كل المجموعة القصصية كتبتها فى توقيت زمنى متقارب، حيث سيطرت على فكرة الكتابة عن الجسد وتناوله بطريقة غير مبتذلة، وبحثت عن مفردات تناسب طرحى الإنسانى بالاتكاء على اللغة القديمة، أريد أن يصل للقارئ أن الإنسان سواء رجلاً أو أنثى كليهما يمر بحالات كثيرة وتجارب تشكل سمات ومعتقدات كل منهما، كما أطرح فى بعض القصص «السخرية» من فكرة الذكورية، والثوابت التى وضعت بمعرفة رقيب، وتوارثتها الأجيال إلى الآن، إذا هى ثوابت وتابوهات ليس من اختيار الانسان ذاته، ورغم كل هذه الثورات التى حدثت، فإنه لم تحدث بعد الثورة الحقيقية فى المجتمع، وهى ثورة التنوير والحرية فى طرح كل الموضوعات، وأستطيع أن أدعى أن كل قارئ سيجد فى قصص المجموعة بعض مما يشعر به، ولكنه لا يستطيع الإفصاح عنه أو حتى مكاشفة نفسه أو الاعتراف بأفعاله وبأفكاره.
هذه المجموعة استكمالاً لفكرة تناول الإيروتيكا التى بداتها من عملى الادبى السابق «أشباح الحواس»، تناول العلاقات الجسدية والانسانية بين ثقافات مختلفة، وتأمل لفكرة الجسد فى اكثر من ثقافه، الثقافه الشرقية والغربية والافريقية والصينية وغيرها ، وهل يوجد بينهما ترابط فى المفاهيم واساليب التعامل مع الجسد، والصراع بين الشرق والغرب قد يكمن فى بعض التابوهات والثوابت المتغللة فى الرجل الشرقى الذى يخشى تخطيها أو تحطمها باعتبارها لها خصوصية وقدسية آلهية، أكتسبها من موروثات سابقة التجهيز، أتساءل من الذى وضع قواعد التعامل مع الجسد؟ هل هو الإنسان ذاته أم الأديان أم السلطات؟، المجتمع مغلق وهذا التابوت الجنسى صنعته وأنتجته السلطات القديمة كالكنسية مثلاً التى استطاعت التسلط على البشر بفرض القيود، وهذه القيود جعلت الجنس أكثر طرحا.
■حدثنا عن أحد القصص التى تناولت فيها الصراع بين التابوه الشرقى والفكر الغربى؟
– اختلافات الثقافات فى العلاقات بين البشر أحدث تصادما وصراعا، لأنه فى الاساس صراع على الحرية فى الحياة والهروب من القيود، فى إحدى القصص تتكونت علاقة بين نحات أعمى وموديل، وهى علاقة تحكمت فيها البصيرة، العلاقة الجسدية ارتبطت بالحواس بالشكل التقليدى، وكشف عن الرغبات المكبوتة ونواقص الشخصية ومحاول إكمالها، أو محاولة الإيحاء بأنه يمكن إكمالها بالعلاقة الجسدية، وقصة أخرى سيجدها القارئ قريبة من مشاهد كثيرة فى الحياة، وهى علاقة بين فنان تشكيلى وامرأة تريد الانتحار ضيقاُ من الحياة، وترى أن الناس ينقصهم مكاشفة أنفسهم فى المرايا، أثناء العلاقة يتناقشون حول حقيقة الحياة، وتقول له المرأة التى تريد الانتحار أن المجتمع كاذب على نفسه، ومريض وكل شخص يحيل المرض وأسبابه على غيره، وكأن الكل مدينون وملائكة.
وتوجد قصة أخرى تحت عنوان «عفاريت العولمة» وهى تعالج موضوع أكثر غرابة، الغرابة أصبحت فى الواقع وليس فى الخيال، رجل شرقى وعلاقة بامرأة غريبة تدعوه للحرية والتحرر وتعرفه على مجموعة من جنسيات وثقافات محتلفه فى جلسه تكشف عيوب كل ثقافة أو مميزاتها، هذه المرأة الغربية تعترض على أفكاره ومعتقداته الذكورية بقولها: أن الشرقيين يريدون فى علاقاتهم الجنسية أن يشعروا بأنهم يملكون المرأة، رغم أنك على علاقة بى وتعرف أنى على علاقة بغيرك وبكثيرين، لماذا تقبل هذا التناقض ولا ترفضه.
■هل هناك أزمة فى الأدب العربى للكتابة عن الجسد؟
– فى الأعمال الأدبية العالمية نجد تناول للجنس بدرجات متفاوتة مثل كتابات هنرى ميللر وفى الأدب العربى المعاصر نجيب محفوظ وإدوار الخراط وغيرهما، أنا مع حرية التعبير وكسر التابوهات المصنوعة، وأن الكتابة عن الجسد أو الجنس تكون ضمن مشروع إبداعى وبهدف كشف وتامل ودراسة لسيكلوجية الشخصيات وليس ابتذلاً أو سخرية، ويكون هذا ضمن السياق السردى، وبالتالى لا ينبغى حرمان الأدب من تناول قضية الجسد بمعالجات فنية ومفردات جماليه للتعبير.
لذلك السؤال عن وجود الجنس فى الادب هذا سؤال يجب ألا نتداوله لأنه يرجعنا إلى عصور انتهت، إنما السؤال الأهم هو إمكانية معالجة الأدب للجنس وقضايا، الأدب يعالج قضايا الإنسان ورغباته واحباطاته وإحلامه، فإذا كان الجنس غير محروم فى الحياه فلماذ يمنع فى الأدب.
■دور نشر الخاصة تتيح الفرصة لطرح هذه النوعية من الأعمال الأديبة، هل تقدمت بهذه الأعمال فى دور النشر الرسمية؟
– لم أتعامل مع المؤسسة الرسمية فى النشر، لكن أحد أعمالى أعادت مكتبة الأسرة إصدارها، وأرفض الرقيب والرقابة، وأعلم أن المؤسسة الرسمية قد يكون الرقيب عامل المطبعة، وسيكون مشروعى القادم حول الرقيب، إنها مشكله غريبة أن نجد شخصا يدعى أنه رقيب ويقرر المعاير فى الممنوع والمتاح، مفروض بعد الثورة أن نتخطى كل الحدود ونطلق الحريات ولا يقمع فكرا أو نقاشاً لأن المنع يزيد من الإقبال على المنتج.
بالفعل دور النشر الخاصه ساهمت بشكل كبير فى تغير مسار الأدب والروايات وإطلاق العنان للحريات والخيال لأنها الجهة الأكثر حرية.
انت مقيم فى دوله الكويت كيف ترى مصر واحداثها من الخارج؟
مواقع التواصل الاجتماعى تتيح لى المعرفه من الاصدقاء المقربين واتابع مصر بكل احداثها وبين الحين والحين بتواجد فى القاهرة، وجودى فى دوله آخرى يجعلنى اكون رؤيه ووجهه نظر قد تكون مختلفه للمقيمن فى مصر، الرؤيه عن بعد لها معاير آخرى، كنت متاكد ان الاخوان زائلون وعلى ثقه ان الشعب المصرى الذى خرج للثورة لم يكن من ضمن مطالبه الحفاظ على الهوية لم تكن الهوية والشريعه من مطالب الشباب وليس لدينا اساسا قضيه فى هذا، المطالب الحرية والعداله الاجتماعية والكرامة.
ما رأيك فى تمسك الشعب المصرى بترشيح المشير السيسى الرئيس القادم لمصر؟
أفضل أن يكون المرشح مدنى بل أكثر من مرشح لتحقيق الديمقراطية وفرصة الاختيار، لكن بكل أسف لدينا مشكلة فراغ فى الرؤية، وتمسك الشعب المصرى بالجيش المصرى يرجع إلى أن الحس الشعبى الجمعى سابق النخب والمثقفين، والحس الشعبى هو الذى يحدد الرئيس القادم، الإعلام يلعب دورا خطير فى تشكيل الوعى ويجب أن يكون الإعلام بالتعددية والفيصل بين كل المرشحين يكون حول البرنامج وماذا يقدم للمصر وليس على شخص بعينه، وعلى كل أصحاب الوجوه القديمة ألا يطرحوا أنفسهم مرة أخرى لأن الشعب أسقطتهم من حساباته، أنا متفائل جدا بالقادم بمصر ثقتى كبيرة فى شعبنا وفى الشباب الذين قاموا بثورتين هما من سوق يقوده التغير فى كل المجالات فى الأدب فى العلم لأنهم يملكون الفكر الثورى.