أيتها الثورة

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مساء الجمعة

سأنهض من فراشي

سأسير في الشوارع الجانبية

وأنا أخبئ وجهي خلف شال عربي،

أضع بضع حجارة في جيبي

وأضغط من التوتر عليها..

كلما حدق جندي في وجهي

وبصق على الأرض..

مساء الجمعة

سأعبر الدبابات

جنود الأمن المركزي…

الفخاخ/الكمائن

ومراكز التفتيش..

سأعبرهم جميعا،

دون أن يراني أحد..

لا أريد أن يراني أحد،

سأصير شبحًا أو طائرا، سأصير أي شيء

سأختبئ بين الحوائط تارةً

وبين صناديق القمامة والعربات المصفحة تارة أخرى..

وسأتسلل إلى غرفتك،

حيث تقبعين جريحة في إحدى المستشفيات،

حيث الحرس يحاصرك، ينتشر في المكان..

أكثر من ذرات الأكسجين فيه..

وأنت صبية صغيرة

تنظرين لأيديهم الداخلة والخارجة

تتمنين لو يدخل عليك أحد بوردة

وردة واحدة ولو كانت مخبأة في القلب.

غير أنك كلما وليت وجهك

رأيت الحراس.. جميعا

بقلوبهم الشاحبة

ووجوههم المظلمة

لا يخبئون في قلوبهم وجيوبهم سوى:

أسلحة وأصفادًا ومفخخات يدوية.

سأتسلل

من البوابة الرئيسية

أمام أعين الجميع

أو من النافذة

سأستحم في شرفتك..

وأتسلل

طيرا يستحم في شرفتك، ويشدو لقلبك.

سأنزع الأجهزة

سأضمد جراحك على عجالة

سأحمل حقائبك

وسننظر سويا قطار الساعة الواحدة

سأضمد قلبك وأنزع الأشواك منه

سأغسل الدم عن وجهك وصدرك وذراعك

وسأخيط من علم البلاد، ثوبا جديدا

خاليا من الدماء.. واللون الأحمر.

سيكون علما أبيضا وحسب، بنسر يحدق في المنتصف.

سنرحل معًا

سنترك البلاد

سنهيم في البحار والوديان والصحاري

كل البلاد – عدا بلادنا- ستصير موطنًا،

ستعيشين بأمان،

دون أن يهشم جندي رأسك..

كلما هتفت للبلاد،

أو غنيت أغنية وطنية..

ستضحكين، ستهتفين وتغنين

دون أن يصفدوا قلبك ويديك وذراعيك

دون أن يلقوا بجسدك الصغير في سجن انفراديّ،

ستعيشن في مكان لا يشبه الزنازين

ستتنفسين هواء نقيا،

عوضا عن قنابل الغاز الأمريكية

سترين أناسا وأطفالا وصبايا ومواليد جدد

ستذهبين للسينما

وتحضرين الحفلات..

بدلا من أن تظلي قابعة

– وأنت صبية صغيرة –

في زاوية صغيرة وموحشة.. من زنزانة انفرادية

تقتلعين عينيك وترسلينهما مع الطيور البعيدة

كي لا تمتلأ ذاكرتك بصور الجنود والخوذ والسلاسل.. والعصي الكهربائية.

ستعيشين،

وحين تموتين

سنقيم لك جنازة لائقة

وسأكتب لك مرثية.

سنضع شاهدا على قبرك

ونزرع فوقه البنفسج.

بدلا من أن يواروا في البلاد جسدك على عجالة

في مقبرة جماعية لأبطال مجهولين

حيث ينام القاتل بجوار قتلاه في قبر واحد

حيث يصير القاتل أبا لقتلاه الصغار

فينامون بطمأنينة إلى جواره

كأنهم أسرة واحدة..

ستعيشين بأمان

وحين تموتين

سنضع شاهدا على قبرك

وسأكتب لك مرثية.

تعالي

امسكي بيدي

وانتظري معي قطار الساعة الواحدة

تعالي

لنهاجر

لنترك البلاد

أيتها الثورة.

……….

27 فبراير 2015

 

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم