ربما تكون قد عبَّرت عنها، ولكن حينما تقرؤها، له، تدرك أن هذه هي الطريقة الصحيحة لتقول هذا. ياسر أستاذ صياغة في الأساس. جواهرجي، لا يمكنك أبداً التعديل عليه، لأنه بكل تأكيد يعرف أن بضاعة الكاتب تحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد رص حيوات، وخلق شخصيات، وأحداث ودراما. لقد أخرج لك تحفته التي ستحتفظ بها وتكون متأكداً أنك تحتفظ بشيء ثمين، لا تقل قيمته بمرور الوقت. إنه لا يتبع موضة، ولكنه يشكل حالة خاصة به، وصوتاً متفرداً، هو تعبير عن جيل كامل، أعتبرُه أيقونته، وأحد مصادر قوته. لو كان ياسر عبداللطيف غير موجود في “التسعينيات” كان ذلك الجيل سيفقد كثيراً من قوته وتفرده، وبالمناسبة أنا واحد من الذين يصدقون خرافة أن تكتب نوعاً واحداً، بمنطق المثل العادي “صاحب بالين كداب”، وهو على المستوى المحلي، أحد قلائل أشعروني بأنه يجوز “فرقعة” تلك الخرافة. شعرُه مهم، ونثرُه مهم، واسمه على الكتاب يشكل “ماركة”. ستتعامل مع “ناس وأحجار” و”جولة ليلية” بنفس اهتمامك بـ”قانون الوراثة” و”يونس في أحشاء الحوت”، لأن هناك تاريخاً للكاتب يجبرك على هذا.
بين الخفة والثقل يتحرك ياسر في الحياة أيضاً. ليست الخفة بالمعنى السلبي، ولكنها خفة الكائن التي تحتمل. ستجده صديقاً في الأوقات التي تريده فيها صديقاً. لديه قدرة غير عادية على السخرية. نميمته لا تتجاوز محيط أصدقائه، لأنه أصلاً يكره الإتيان على سيرة الضباع، وهكذا ليس المقصود منها الشر على الإطلاق، والشر يأتي من ناحيتنا نحن لأننا نحذر من لسانه الفالت، كنوع من صناعة الكاركتر لشخص نحبه ونحترمه. وهو أيضاً سيتحول إلى ناقدك المخلص بدون كلام كبير حينما تحتاج إلى نصائح الجواهرجي، وهو من نوع الأشخاص الذين تشعر ناحيتهم بأنهم أصدقاء أبديون. الأمر يشبه روابط الدم، فمهما حدث خلاف بينك وبين أخيك لن تنقلب عليه يوماً ما، ولهذا أعتبر نفسي محظوظاً بأخوة هذا الكاتب والإنسان الكبير.